2012/03/12

السؤال:

السلام عليكم، سيدي بديهي للشيطان عدة أبواب من فضل ربي غلقت جميعاً الا واحدة يدخل بها عليَّ حاولت واجتهدت لكن همتي ضعيفة في هذا الباب أرجو التوجيه ثم الدعاء أسأله تعالى أن يحشرني وإياكم تحت لواء سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، آمين.

 

الاسم: عدنان المؤذن

 

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

أوصي نفسي وإيّاك وسائر المسلمين بعدم الاطمئنان بالقول إنّنا غلقنا مداخل الشيطان، فنحن في مدافعة معهُ إلى أنْ تسلم الروح لخالقها جلّ جلاله وعم نوالهُ كما نقل لنا القرآن الكريم:-

{قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ * قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [سورة ص: 79 – 83].

وقد جاء في بعض المصادر ومنها كتاب (الحجّة في بيان المحجّة) لإسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني عن عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى قال:-

(لَمَّا حَضَرَتْ أَبِي الْوَفَاةُ جَلَسْتُ عِنْدَهُ وَبِيَدِي الْخِرْقَةَ لأَشُدَّ بِهَا لِحْيَيْهِ فَجَعَلَ يَعْرَقُ ثُمَّ يُفِيقُ ثُمَّ يَفْتَحُ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُ بِيَدِهِ هَكَذَا لَا بَعْدُ فَفَعَلَ هَذَا مَرَّةً وَثَانِيَةً فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَة قلت لَهُ يَا أَبَة أَيَّ شَيْءٍ هَذَا قَدْ لَهَجْتَ بِهِ فِي هَذَا الْوَقْتِ تَعْرَقُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ قُبِضْتَ ثُمَّ تَعُودُ فَتَقُولُ: لَا، لَا بَعْدُ، فَقَالَ لِي: يَا بُنَيَّ مَا تَدْرِي، قُلْتُ: لَا، قَالَ: إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ قَائِمٌ حِذَائِيِ عَاضٌّ عَلَى أَنَامِلِهِ يَقُولُ لِي يَا أَحْمَدُ فُتَّنِي فَأَقُولُ لَهُ لَا بَعْدُ حَتَّى أَمُوتَ) الثبات عند الممات (ص: 160).

ولم يشهد سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم لأحد بغلبتهِ للشيطان إلّا سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه فقال في حقه:-

(فَوَ اللَّهِ مَا سَلَكَ عُمَرُ وَادِياً قَطُّ فَسَلَكَهُ الشَّيْطَانُ) الإمام أحمد رحمه الفرد الصمد جلّ جلاله في الفضائل.

ومداخل الشيطان وخطواتهِ كثيرة وقد حذرنا خالقنا تبارك في علاه من اتباعها فقال:-

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة النور: 21].

وهناك مداخل بينها القرآن الكريم وأغلق أبوابها كدخول الشيطان على الإنسان من باب الخوف على أجلهِ أو على رزقهِ، والذي تربى على ذكر الله عزّ وجلّ والثقة به لا يمكن أنْ يتمكّن منه الشيطان في هذا الباب فالخالق جلّ وعلا تكفل بالرزق بل أقسم على ذلك إذا بذل الإنسان سعيه فقال سبحانه:-

{وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ} [سورة الذاريات: 22 – 23].

وقال سيدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-

(هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ جِبْرِيلُ نَفَثَ فِي رَوْعِي أَنَّهُ لَا تَمُوتُ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَلَيْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَأْخُذُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ) الإمام البزار رحمه العزيز الغفار عزّ شأنه.

وكذلك لا يستطيع أنْ يدخل عليه من باب الخوف من انقضاء الأجل لإيمانه بقول الله عزّ وجلّ:-

{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً —} [سورة آل عمران عليهم السلام: 145].

فإذا رأى المؤمن انسياب وساوس الشيطان من خلال باب من الأبواب فعليه الانتباه والتحصن بذكر الله جلّ جلاله وعمّ نواله والاستعاذة به سبحانه كما أمره ربه عزّ وجلّ في قوله:-

{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [سورة الأعراف: 200].

وينبغي للمسلم مجاهدة نفسه في مضمار تقوى الله جلّ ذكره فإذا كُتب من المتّقين فيدخل وقتئذ في قوله سبحانه:-

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} [سورة الأعراف: 201].

وعليك بكثرة محاسبة النفس سواء في الباب الذي تقول أنّك لا تستطيع إغلاقه أو من الأبواب التي تظنّ أنّها أغلقت بفضل الله عزّ وجلّ فكما يقال:-

(مَنْ مَأْمَنِهِ يُؤْتَى الحَذِر).

وأسأل الله تقدّست أسماؤه أنْ يثبت قلوبنا على دينه وهدي نبيّه المصطفى عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وبارك وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الفضل والمجد.