23/4/2012

السؤال:

حكم تغطية وجه المرأة؟ هل هو واجب؟

 

الاسم: أم نور

 

الرد:-

تغطية وجه المرأة ليست واجبة بشكل قطعي، ولو كانت واجبة لما تعدّدت فيها آراء العلماء رحمهم الله تعالى قديمًا وحديثًا، وذلك لأنّ النصوص الواردة في ذلك قابلة للاجتهاد.

فهناك نصوص مشهورة تدلّ على جواز كشف وجه المرأة ويديها، وهناك نصوص تدلّ على استحباب تغطية الوجه، قال الله تبارك في علاه:-

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [سورة الأحزاب: 59].

وقال سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه:-

(يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ) الإمام أبو داود رحمه الودود سبحانه.

ومن أدلّة القائلين بعدم وجوب تغطية الوجه الحديث الذي رواه سيّدنا جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال:-

(شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، ثُمَّ قَامَ مُتَوَكِّئًا عَلَى بِلَالٍ، فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ، وَحَثَّ عَلَى طَاعَتِهِ، وَوَعَظَ النَّاسَ وَذَكَّرَهُمْ، ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ وَذَكَّرَهُنَّ، فَقَالَ: تَصَدَّقْنَ، فَإِنَّ أَكْثَرَكُنَّ حَطَبُ جَهَنَّمَ، فَقَامَتِ امْرَأَةٌ مِنْ سِطَةِ النِّسَاءِ سَفْعَاءُ الْخَدَّيْنِ، فَقَالَتْ: لِمَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشَّكَاةَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، قَالَ: فَجَعَلْنَ يَتَصَدَّقْنَ مِنْ حُلِيِّهِنَّ، يُلْقِينَ فِي ثَوْبِ بِلَالٍ مِنْ أَقْرِطَتِهِنَّ وَخَوَاتِمِهِنَّ) الإمام مسلم رحمه المنعم جلّ جلاله.

(والخدّ الأسفع هو الذي يجمع بين الحمرة والسّمرة)، وهذه إشارة على إنّ هذه الصحابية (رضي الله تعالى عنها) لم تكن مغطية الوجه مع وجود سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والتسليم وآله وصحبه أجمعين.

 

وفي قول ربنا عزّ وجلّ:-

{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [سورة النور: 30].

ارشاد إلى وجوب غضّ البصر عن الأجزاء الظاهرة من المرأة مع أنّ الآية الكريمة جاءت بصيغة (من أبصارهم) و-من- كما هو معروف للتبعيض.

والإنسان كما يقال (طبيب نفسه)، فكما أنّ الأجساد لها أمراضها فللروح كذلك، فالإنسان يعلم من نفسه ما لا يعلمهُ غيره ويعلم أنّ النظر ولو بشكل عابر يضرّ بقلبه ويشغله عن ربّه فمثل هذا يتأكّد في حقّه غضّ البصر.

أمّا الذي يتصيّد النظر ويبرّر لنفسه بما لا يقتنع به هو فإنّ هذه المخادعة تضرّهُ ولا تنفعه، قال الله جلّ في علاه:-

{بَلِ الإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} [سورة القيامة: 14 – 15].

وهذا ميدان ابتلانا الله جلّ وعلا فيه وأمرنا بأنْ نغضّ من أبصارنا ابتلاء واختبارا، فطوبى لمَن التزم فلهُ البشرى من الله سبحانه كما أخبر سيّدنا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه حين قال:-

(مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرَّةٍ، ثُمَّ يَغُضُّ بَصَرَهُ إِلَّا أَحْدَثَ اللهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا) الإمام أحمد رحمه الفرد الصمد تقدّست أسماؤه.

وكذلك على المرأة التي أنعم الله تعالى عليها بجمال ملفت فإنّ الأولى لها تغطية الوجه خاصّة إذا كانت في بلد تغلب على نسائه تغطية الوجه.

أمّا إذا تركت التغطية فلا تكون آثمة، لأنّ هذا محلّ خلاف كما أسلفت ولو كانت واجبة لكان محلّ إجماع كما في باقي مسائل الفقه المتفق عليها.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وبارك وسلّم على سيّد المرسلين، وإمام المتقين، نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه الميامين.