2012/06/14
السؤال:
الحمد لله والصلاة والسلام على نبي الله محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يمن عليكم بالأمن والامان والمغفرة والرضوان.

سيّدي إذا شكّ أحد في عدد مرّات الطواف حول الكعبة الشريفة، والسعي بين الصفا والمروة ماذا يفعل؟

جزاكم الله خير الجزاء.


الاسم: حياة.

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

جزاك الله عزّ وجلّ خيرًا على دعائك ولك بمثله.

على الذي يعتريه الشكّ أنْ يبني على اليقين، فإنْ شكّ هل طاف ستًّا أم سبعًا؟

فيعتبره ستًّا الذي هو اليقين ويأتي بالسابع، وهذا مبنيٌّ على أصل شرعي مستندٍ إلى قول سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-

(دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ) الإمام أحمد رحمه الفرد الصمد جلّ وعلا 

هذا إذا كان الشكّ أثناء الطواف.

أمّا إذا حصل الشكّ بعد الفراغ من الطواف فلا عبرة به، والأصل المضيُّ في عبادته مع الصحّة ولا يلزمه شيء. وهذا هو رأي الجمهور.

أمّا عند السادة الحنفية فهم يفرقون بين طواف الفرض والتطوّع ففي طواف الفرض تجب الإعادة، أمّا في التطوّع فيبني على غالب ظنّه أو على الأقلّ. وسواء كان في أثناء أو بعد الطواف.

فقد جاء في الموسوعة الفقهية ما نصّه:-

(لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ أَشْوَاطِ طَوَافِهِ وَهُوَ فِي الطَّوَافِ بَنَى عَلَى الْيَقِينِ، وَهُوَ الأْقَل عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ).

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُل مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْل الْعِلْمِ عَلَى ذَلِكَ وَلأَِنَّهَا عِبَادَةٌ، فَمَتَى شَكَّ فِيهَا وَهُوَ فِيهَا بَنَى عَلَى الْيَقِينِ كَالصَّلاَةِ.

وَأَجْرَى الْمَالِكِيَّةُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَنْكِحِ [وهو مَنْ يأتيه الشكّ في كلّ يوم ولو مرّة].

فَقَالُوا: يَبْنِي الشَّاكُّ غَيْرُ “الْمُسْتَنْكِحِ عَلَى الأْقَلّ، وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِل لِلْوَهْمِ، أَمَّا الشَّاكُّ الْمُسْتَنْكِحُ فَيَبْنِي عَلَى الأْكْثَرِ.

وَفَصَّل الْحَنَفِيَّةُ فِي الشَّكِّ فِي عَدَدِ الأْشْوَاطِ بَيْنَ طَوَافِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ: أَمَّا طَوَافُ الْفَرْضِ كَالْعُمْرَةِ وَالزِّيَارَةِ وَالْوَاجِبِ كَالْوَدَاعِ فَقَالُوا: لَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الأْشْوَاطِ فِيهِ أَعَادَهُ، وَلاَ يَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، بِخِلاَفِ الصَّلاَةِ، وَلَعَلّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا كَثْرَةُ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَنُدْرَةِ الطَّوَافِ.

أَمَّا غَيْرُ طَوَافِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَهُوَ النَّفَل فَإِنَّهُ إِذَا شَكَّ فِيهِ يَتَحَرَّى، وَيَبْنِي عَلَى غَالِبِ ظَنِّهِ، وَيَبْنِي عَلَى الأْقَل الْمُتَيَقَّنِ فِي أَصْلِهِ.

أَمَّا إِذَا شَكَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّوَافِ فَلاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَسَوَّى الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا إِذَا كَانَ فِي الطَّوَافِ، وَأَطْلَقَ الْحَنَفِيَّةُ عِبَارَاتِهِمْ فِي الشَّكِّ.

وَإِنْ أَخْبَرَهُ ثِقَةٌ بِعَدَدِ طَوَافِهِ أُخِذَ بِهِ إِنْ كَانَ عَدْلاً عِنْدَ الأْكْثَرِ، وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مَعَهُ فِي الطَّوَافِ، وَلَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ.

وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِعَدَدٍ مَخْصُوصٍ مُخَالِفٍ لِمَا فِي ظَنِّهِ أَوْ عِلْمِهِ، يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِهِ احْتِيَاطًا فِيمَا فِيهِ الاِحْتِيَاطُ فَيُكَذِّبُ نَفْسَهُ، لاِحْتِمَال نِسْيَانِهِ وَيُصَدِّقُهُ؛ لأِنَّهُ عَدْلٌ لاَ غَرَضَ لَهُ فِي خَبَرِهِ، وَلَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلاَنِ وَجَبَ الْعَمَل بِقَوْلِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَشُكَّ؛ لأِنَّ عِلْمَيْنِ خَيْرٌ مِنْ عِلْمٍ وَاحِدٍ، وَلأِنَّ إِخْبَارَهُمَا بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى إِنْكَارِهِ فِي فِعْلِهِ أَوْ إِقْرَارِهِ. وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيَّةُ لَهُ الأْخْذَ بِقَوْل الْعَدْل الْمُخَالِفِ لِعِلْمِهِ، خِلاَفًا لِلصَّلاَةِ) الموسوعة الفقهية (29/125).

وحكم السعي كحكم الطواف.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.