2013/06/08

السؤال:

سيدي حضرة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أسال الله تعالى لكم كل الخير وأن يجنبكم كل سوء:

تعلمون أن واقع العراق اليوم في تدني على كل المستويات ومنها التعليم، وبسسب صعوبة المناهج الدراسية وضعف وسائل التعليم وعدم مساعدة الأساتذة للطلبة وصعوبة الظروف،وغيرها، يرسب كثير من الطلبة في المراحل الابتدائية والمتوسطة، ومع حرص الأهل على أن يكمل أبناؤهم الدراسة حيث يهيؤن كلما يستطيعون من متابعة ودروس خصوصية لكن ومع كل ذلك يجد الأهل أن الابن وصل إلى مرحلة لايحب الدراسة ولا المدرسة،وإذا ترك الدراسة قد لا يجد عملا مناسبا له إمّا بسبب صغر سنه أو بسبب بعد المكان للعمل المناسب، خصوصا للمرحلة الابتدائية والمتوسطة.

 

فالسؤال هو: كيف توجه الأسرة أبناءهم في مثل هذه الحالات وهي كثيرة الآن في المجتمع؟

 

وجزاكم الله تعالى خيرا

 

الاسم: احمد الالوسي

 

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، جزاك الله عز وجل خيرا على دعواتك الطيبة ولك بمثلها.

يجب أن نعلم بأن الأمة الإسلامية مرت عبر تأريخها بظروف أقسى من هذه المرحلة، فخرجت منها بفضل الله تعالى قوية ثابتة، وواصل أبناؤها سبيل العلم والبناء ؛ فيجب أن نؤمن بهذا ونُربي أولادنا عليه، كما يجب على الآباء أن يغرسوا في نفوس أبنائهم حب القراءة والعلم ؛ فلا يخفى أن أول آية مباركة نزلت هو قوله تعالى {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} العلق/1. وقال معلم البشرية سيدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) الإمام ابن ماجه رحمه الله تعالى. وقال أيضا (مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ) الإمام أبو داود رحمه الله تعالى.
فإذا تربى أبناؤنا على حب العلم استسهلوا الصعاب في الحصول عليه وسلكوا الطريق للوصول إليه، كما يجب أن نعلم أن الخير ما زال موجودا في أمة الإسلام على نحو عام وفي العراق على نحو خاص، وما زال هناك من الأساتذة الكرام المخلصين الذين يبذلون جل وقتهم لخدمة طلاب العلم وفي جميع المراحل الدراسية.

 قال الرحمة المهداة صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم (أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره) الإمام الطبراني رحمه الله تعالى. وعلى الأسرة مساعدة الأساتذة والاهتمام بالأولاد ومتابعة دروسهم خاصة في السن المبكرة والمراحل الأولى ؛ فإذا تربى الأولاد على حب الدراسة ومتابعة دروسهم أصبح ذلك ديدنهم وتعودوا عليه ؛ وقديما قالوا التعلم في الصغر كالنقش على الحجر.

كما يجب ملاحظة اختلاف مواهب الأولاد وإمكاناتهم الذهنية فليس كل الأولاد على وتيرة واحدة من الفهم ؛ وعليه لا ينبغي الضغط على الأولاد للوصول إلى مستوى أعلى من مقدرتهم فلعل الله تعالى يمنحهم موهبة ما في مجال آخر ينفع الناس، فالأمة بحاجة إلى جميع المواهب ولهذا خلقهم الله تعالى مختلفين متباينين في القدرات والمواهب ؛ قال تعالى {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} الزخرف/32. ولكن لا أقل من أن يُكمل الأولاد المراحل الأولية للدراسة ومن ثم يفتح الله تعالى عليهم بما يناسب ميولهم ومواهبهم بما يُوافق الشريعة الغراء ويخدم الأمة، ويجب أن نعلم أن أهم سبب من أسباب هذه الأحوال هو الاحتلال فالأشرار في الأرض يكيدون للأخيار يريدون لهم الجهل والأمراض والفتنة والاقتتال فيكون العمل على إحباط مقاصدهم من أعظم صور مقاومتهم فهذه الحقيقة ينبغي أن تغرس في أذهان الناس بشكل عام وفي عقول النشأ بشكل خاص.

والله تعالى أعلم.