2013/09/21

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته… سيّدي حضرة الشيخ جزاكم الله خيراً على هذا الموقع الجميل الذي سهّل علينا فهم كثير من الأمور التي تخصّ التزكية وقدّم فهما معتدلا للأمور الفقهية والشرعية، سيّدي تجولت في الأسئلة التي تخص الرابطة الشريفة وفهمت وتذوقت المقصود بها لكن بقي شيء واحد لم أجد جوابه بشكل صريح أحب أنْ أتأكد منه وأتخلص من الحيرة منه:

هل الرابطة الشريفة في الورد اليومي فقط؟

أم قبل كلّ ذكر؟ فمثلا هل يجوز المرابطة قبل تلاوة القرآن أو قبل التسبيح أو أثناء العمل أو قبل صلاة مكتوبة.

 

الاسم: سكينة

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته وجزاكم خيرا.

ليست الرابطة الشريفة هي المقصودة بذاتها وإنّما ذكر الله عزّ وجل، وهي وسيلة لذكره تبارك وتعالى في أيّ صيغة من صيغه المشروعة والأوضاع المأذونة، قال سبحانه {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران عليهم السلام/ 191]، وقال جلّ وعلا {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء/110، 111].

فعلى الذاكر أنْ يتهيأ لجلسة الذكر، وهذا شأن السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم وعنكم، وقد نقلت أخبار كثيرة في ذلك منها: ما روي عن سيّدنا علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما أنه كان إذا توضأ اصفرّ لونه، فيقول له أهله: ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء؟ فيقول: أتدرون بين يديّ منْ أريد أنْ أقوم. إحياء علوم الدين (1/151).

فمَنْ له موعد مع شخصية مهمة يهيئ نفسه قبل الموعد ويراجعها، ولا يهجم على اللقاء دون مقدمات، وذلك بأنْ يستجمع قواه ويفرّغ ذهنه من أيّ شاغل عدا ما عزم عليه، ويستعين في ذلك بالرابطة الشريفة، فهي التي توفّر له المدد الروحي والصفاء الفكريّ، وهي السبيل الأمثل لاستحضار القلب وتهيئته لذكر الله جلّ وعلا وتلقّي البركات، فتصحّ في كلّ الأوقات، فما دام السالك على طهارة فله أنْ يكثر من الرابطة الشريفة ويبذل في ذلك جهده، وكلّما أكثر منها كان أفضل، إذ يستفيد بها من روحانية مرشده ويتقوّى على طاعة الله تعالى وإثراء قلبه بالمعاني الإيمانية.

وهذا كله بإذن الله سبحانه وتعالى وبأمره جلّ جلاله وعمّ نواله إذ هو الذي يمنّ على المرشد بفضله ومنّه ومعونته، وهذه الدنيا هي دار الأسباب، فمِن أسباب تقوية القلب على ذكر الرب جلّ وعلا وطاعته هذه الاستفادة الروحية الموصوفة في كتاب الرابطة القلبية والمنشور في الموقع.

وأودّ الإشارة هنا إلى أنّ الرابطة الشريفة واجبة أثناء الورد اليومي على السالك بموجب العهد الذي بينه وبين مربّيه، قال تعالى {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء/34]، وأرجو مراجعة أجوبة الأسئلة المرقمة (19، 402، 671، 769) في هذا الموقع المبارك.

والله سبحانه وتعالى أعلم.