2013/10/25

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم.

السلام عليكم ورحمة الله.

بارك الله بك شيخنا الفاضل، أنا طالبة ماجستير في ماليزيا، مستأجرة غرفة في فندق قريب من الجامعة، الجوّ هنا حارّ، والسبلت الذي في الغرفة غير جيّد، اتفقت مع صاحبة الفندق أنْ نشتري سبلتًا جديدًا (مكيف للتبريد) نصف المال عليّ، والنصف الآخر عليها، وعندما أكمل دراستي يبقى في الغرفة للفندق إنْ شاء الله، أنا أخشى الربا هل هذا حلال؟

جزاكم الله خيرا.

 

الاسم: ضحى

 

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

بارك الله جلّ وعلا لكم حرصكم على تحرّي الحلال والسؤال عنه؛ فأسأله سبحانه لكم التوفيق في مسعاكم لطلب العلم، وأنْ ينفع بكم حيثما كنتم، وبعد:-

فإنّ الإجارة على نحو عام أمر مشروع، قال عزّ من قائل:-

{قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [سورة القصص: 26].

ولها أحكام فقهية كثيرة، ولا يخلو مصدر من مصادر الفقه الإسلامي من تخصيص باب لأحكامها؛ لأهمية هذا الأمر وحاجة الناس إليه.

وفيما يتعلّق بسؤالك فإنّ للمستأجر أنْ يطلب من المُؤجّر إصلاح أو إضافة ما هو ضروري في العين المؤجرة، فإنْ تمّ ذلك فللمستأجر توقيع العقد، وإلّا تركه أو فسخه إذا وقع العقد ثمّ تبيّن له أنّ العين المؤجرة بحاجة إلى أمر ضروري لا غنى عنه، قال الإمام المرداوي رحمه الله تعالى:-

(لِلْمُسْتَأْجِرِ مُطَالَبَةُ الْمُؤَجِّرِ بِالْعِمَارَةِ التي يَحْتَاجُ إلَيْهَا الْمَكَانُ الْمَأْجُورُ) الإنصاف (6/67).

لأنّ الأصل أنْ تكون نفقة العين المؤجرة على المالك:-

(وَمُؤْنَةُ الدَّابَّةِ المُؤَجَّرَةِ وَالمُعَارَةِ عَلَى المَالِكِ وَلِلْمُسْتَعِيْر اسْتِيْفَاءُ المَنْفَعَةِ بِنَفْسِهِ وَبِوَكِيْلِهِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ) الروض المربع (2/346).

وللمستأجر أنْ يُنفق على العين المؤجرة، فإنْ كان الإنفاق بغير إذن المالك فهذا تبرّع منه وليس له الحق بمطالبة المالك بكلفة ما أنفق.

(لو احْتَاجَتْ الدَّارُ تَجْدِيدًا فَإِنْ جَدَّدَ الْمُؤَجِّرُ وَإِلَّا كان لِلْمُسْتَأْجِرِ الْفَسْخُ وَلَوْ عَمَّرَ فيها الْمُسْتَأْجِرُ بِدُونِ إذْنِهِ لم يَرْجِعْ بِهِ) الإنصاف (6/67).

(لَوْ أَنْفَقَ الْمُسْتَأْجِرُ بِلَا أَمْرِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الْحَيَوَانِ الْمَأْجُورِ لِعَلَفِهِ كَانَ مُتَبَرِّعًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهُ) درر الحكام شرح مجلة الأحكام (3/642).

ولكن للمستأجر الحقّ بأخذ ما أنفق بعد انقضاء مدّة الإجارة إذا كانت النفقة منفصلة عن عين الشيء المستأجر.

(وَإِنْ أَنْفَقَ المُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ لَكِنْ لَهُ أَخْذُ أَعْيَانِ آلَاتِهِ) كشاف القناع (4/21).

لأنّ المستأجر مسؤول عن ردّ العين المؤجرة فقط.

(وَيَجِبُ عَلَى المُسْتَأْجِرِ رَدُّ العَيْنِ المُؤَجَّرَةِ) مطالب أولي النهى (4/169).

وعلى المالك أنْ لا يتصرّف بالعين المؤجرة وقد شُغلت ببعض نفقة المستأجر حتى تنقضي مدّة الإجارة لأنّ ذلك يلحق الضرر بالمستأجر الذي أنفق ماله على العين المؤجرة لمنفعة يحتاجها.

(لَا يَجُوزُ لِلْمُؤَجِّرِ إجَارَةُ الْعَيْنِ الْمَشْغُولَةِ بِغِرَاسِ الْغَيْرِ أو بِنَائِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ صَاحِبِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ) الإنصاف (6/42).

وإذا طلب المستأجر من المالك الإنفاق على العين المؤجرة فالمالك بالخيار في الإنفاق على ملكه مِنْ عدمه، فإنْ أذن بالإنفاق فهو مَن يتحمل النفقة؛ فهذا هو الأصل، ولأنّ المنفعة ستعود وتبقى في ملكه، وإنْ رفض الإنفاق على ملكه فليس للمستأجر أنْ يُجبر المالك على ذلك، وكون المستأجر له الحقّ في الإنفاق على العين المؤجرة دون إذن المالك ليس على إطلاقه، فبعض التصرفات تحتاج إلى إذن المالك وإنْ كانت النفقة من المستأجر؛ فنصب جهاز التبريد مثلا قد يحتاج إلى بعض الأعمال الإنشائية كثقب الجدار ونحوه.

والصورة التي وصفت تجمع بين تبرّع المستأجر ونفقة المالك وهذا تمّ بالاتفاق بين الطرفين، فالمستأجر تبرّع بنصف ثمن جهاز التبريد، والمالك دفع نصف ثمنه الباقي فهذا تصرّف صحيح لا غبار عليه، وبعيد كلّ البعد عن الربا، حفظنا الله تعالى وإياكم منه ومن جميع المحرمات والمكروهات إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله عزّ وجلّ أعلم.

وصلّى الله تعالى وبارك وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الجود والكرم.