30-8-2020

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخ

أنا متأثر بكلمات حضرتك شيخي وأنا من سكنة محافظة صلاح الدين وأستمع لخطب كثيره وتأثرت جدًّا بمحاضرة لك تروي فيها حديثا شريفا للنبيّ محمد صلّى الله عليه وسلّم (عينان لا تمسهما النّار، عينٌ بكت من خشيه الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله) صدق رسول الله، وإني تطوعت للجيش حتى أحرس في سبيل الله ومع العلم لم أسلك، وأنا الآن مثل الإنسان التائه في هذه الدنيا غير مرتاح في حياتي، والنصف ساعة لم أواكب عليها، حياتي عبارة عن غير مرتاح وراتبي كثير ولكن ليس فيه بركة، أرجو منك شيخ أن تقرأ وترد عليّ ربي يحفظك شيخي.

 

من: سائل

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

وفقكم الله سبحانه لمراضيه، وزادكم تعلّقًا بمواطن الخير، ومنها هذا الموقع الميمون، فلكم الشكر وجزاكم الله عزّ وجلّ خيرًا كثيرًا.

بارك الله جلّ وعلا فيك إذ وجهت نيّتك في عملك لله تباركت أسماؤه، فهي أصل قبول وبركة وثمرة كل التصرفات الإنسانية، قال الله سبحانه مادحاً الذين يوجهون نياتهم ابتغاء وجهه جلّ شأنه:-

{وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى} [سورة الليل: 19 – 20].

وبما أنّ جنابك قد نويت الحراسة في سبيل الله تعالى فأنت على خير كبير.

وأرجو لمزيد اطلاع على أهمّية النيّة في الأقوال والأفعال مراجعة جواب السؤالين المرقمين (512، 703) والمشاركتين (64، 239) في هذا الموقع المبارك.

والظاهر من رسالتك الطيّبة أنّ جنابك على علم بالسلوك والعمل الروحي الإسلامي وأثر وجود المرشد رضي الله تعالى عنه وعنكم في حياة المسلمين، فأرجو من جنابك ترسيخ هذه المفاهيم بمزيد اطلاع على باب الذكر والسلوك والتزكية في هذا الموقع الكريم لتصل إلى القناعة التامّة وتسعى بعدها إلى طلب السلوك لتحظى ببركة ونور التواصل الروحي مع المرشد الرباني الموصول بالسند العلمي والروحيّ بحضرة الرسول الأعظم صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم؛ فتبدأ معراجك الروحي في رياض الذكر وأُنس الحضور بين يديّ الله جلّ جلاله وعمّ نواله فتسكن نفسك وتتزكى، ويثبت قلبك ويطمئن، قال الحق جلّت قدرته:-

{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [سورة الرعد: 28].

فاذا ما التزم قلب المسلم بالذكر أحسّ بسعادة غامرة، وشَهِدَ بركة في الرزق والوقت والأهل؛ ذاك لأنّه أصبح على هدى مستقيم، وعرف غاية وجوده بمعرفة ربّه العظيم، الذي مَنَّ على رسوله الكريم عليه وآله وصحبه أفضل الصلاة والتسليم بقوله:-

{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} [سورة الضحى: 7].

ضالاً: أي متحيّرًا فهداك إليه جلّ وعلا.

وقال الله عزّ شأنه:-

{وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [سورة طه: 124].

وفي ظلال الآية المباركة وعن طريق مفهوم المخالفة نفهم أنّ ملازمة الذكر ومصاحبة أهله تجعل حياتك سعيدة مباركة ذات قيمة كبرى، وسيفتح الله جلّ جلاله على قلبك ويهبك طاقة البصيرة لترى كلّ ما هو حق وجميل في هذا الكون البديع.

وفقك الله تعالى وسدّد خطاك ونفع بك وثبتك على صراطه المستقيم، وصلّى الله تعالى على الرحمة المهداة وآله وصحبه وسلّم.

والله تبارك اسمه أحكم وأعلم.

وصلّى الله تعالى وبارك وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الجود والكرم.