10/04/2010
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
نحمد الله تعالى أن منّ علينا بهذا العمل المبارك، سائلين المولى الكريم أن يجعله مناراً وسبباً في هداية الناس أجمعين إلى منهج خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، وأن يكرمكم بخدمة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بجاه سيد المرسلين اللهم آمين.
وبعد.. فسؤلي يتعلق بقضية الدعاء، فنحن تعلمنا من حضرتكم بما جاءت به الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة أن الله تعالى لا يرد دعاء عبد إذا ما توجه بقلب منيب إلى الله تعالى في كل مكان وزمان، ولكن هناك أحاديث نبوية شريفة تخصص أزمنة وأمكنة وذوات بقبول الدعاء وأنه لا يرد، فما الحكمة من هذا التخصيص إذا كان الدعاء لا يردّ في كل الأحوال. وجزاكم الله عنّا خير الجزاء.
الاسم: أبو زيد

الـرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
جزاكم الله تعالى خيراً على دعواتكم الطيبة ولكم بمثلها، وبعد..
فمن المعلوم أن إجابة الدعاء له شروط: منها طيب الرزق كما قال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للصحابي الجليل سيدنا سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف بلقمة الحرام في جوفه فلا يقبل منه عمل أربعين يوماً، وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به) رواه الطبراني رحمه الله تعالى. وقال عليه أفضل الصلاة والسلام في حديث آخر: (إن الله تعـالى طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ} ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا ربِّ يا ربِّ، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له) الإمام مسلم رحمه الله تعالى. ومن شروط الاستجابة أن لا يدعو الإنسان بمحرّم أو بقطيعة رحم.
وقد جعل الله تبارك وتعالى ذواتاً مخصوصة وأماكن مخصوصة وأوقاتاً مخصوصة لبيان شرفها وأهميتها، فكون جوف الليل وقتاً تستجاب الدعوة فيه أكثر من باقي أوقات اليوم تنبيه للمسلم على شرف هذا الوقت وأهميته، لأن الله تعالى يكون أقرب إلى عباده الراجين عفوه ورحمته، وتخصيص ذات شريفة من نبي أو صحابي أو رجل صالح يلفت نظر الناس إلى هذا الإنسان وأهمية طاعة الله تعالى التي ورّثت هذا الامتياز الرباني وهو إجابة الدعاء، وكذلك الأماكن الشريفة المباركة كي يعتني الناس بها وتهوى أفئدتهم إليها طلباً للرحمة وإجابة الدعاء، وكذلك الإنسان المظلوم كما ورد في الحديث الشريف: (إتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله تعالى حجاب) الإمامان البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى. وقال صلى الله عليه وسلم: (اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام، يقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين) الإمام الطبراني رحمه الله تعالى. فهذان الحديثان وغيرهما يبينان عظم جرم الظلم عند الله تعالى وينبه المرء إلى اتقائه والابتعاد عن المظالم قدر الإمكان. وكذلك جعل الله تعالى أوقات الرحمة كنزول المطر للتنبيه إلى آلاء الباري عز وجل ورحمته وأفضاله على خلقه جميعاً. وكون التخصيص بالقبول لا يعني ذلك نفيه عن غير المخصص، فالزكاة التي هي فرض قد يؤجر إنسان على دفعها أكثر من إنسان آخر تبعاً لظروف لا يعلمها ويقدرها إلا الله عز وجل {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} الجمعة 4.

والله سبحانه وتعالى أعلم.