2012/03/10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أسال الله تعالى أن يمدك بطول العمر وكثرة العلم ويحشرك مع الحبيب صلى الله عليه وسلم وبعد، بداية أسألك أن تدعو لي بالموفقية في الحياة والآخرة.
وسؤالي يا شيخي العزيز:
إمرأة ثقيلة النوم لا تسمع بكآء طفلها في الليل ولكن سبحان الله، هذه المراة قد خنقت طفلها وهي نائمة فمات الطفل فهل عليها شيء من الكفارات فإذا كان الجواب الصوم فهي لا تستطيع ان تصوم شهرين متتابعين.
أدعو الله تعالى أن يوفقكم لخدمة الدين الحنيف ونصرته والسلام عليكم.
الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، جزاك الله تعالى خيراً على دعواتك ولك بمثلها، وأدعوه جل وعلا أن يوفقك لخيري الدنيا والآخرة، وبعد:
فالواجب على هذه الأم ومثيلاتها الإحتياط: وذلك بإبعاد رضيعها عنها أثنآء النوم، وعدم إرضاعه في حال نعاسها إلا بعد الحذر الشديد كأن تغسل وجهها ويديها وتجلس متمكنة من جلستها، أو تستعمل الساعة المنبهة كي تتفقد طفلها وحاجته للإرضاع إن كان رضيعاً.
ومع ذلك فهذا قدر الله عز وجل الذي يجب الإيمان به كما أخبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم في إجابته على أسئلة سيدنا جبريل عليه السلام (…قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الإِيمَانُ؟ قَالَ: ” أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكِتَابِهِ، وَلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ “، قَالَ: صَدَقْتَ) متفق عليه، ويجب التأكد في هذا القدر، فقد يكون الطفل مات من غير أن تنقلب هي عليه كما يحدث لبعض البشر، قال رب العزة جل وعلا {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} الزمر 42. وهذا الإحتمال قآئم ولكن العدو المبين (الشيطان لعنه الله تعالى) يستغل هذا الظرف لجعل الأم تعيسة حزينة ولإثارة العداوة والبغضآء بينها وبين زوجها وأفراد أسرتها (أسأل الله الرحيم العظيم جل جلاله وعم نواله بنبيه الكريم عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التتسليم أن يكون في عون كل أم وكل أسرة تبتلى بهذا البلاء) فإذا كان الحال هذا فلا شيء عليها.
أمّا إذا تأكد إنقلابها عليه وأنه مات بهذا السبب (بتقرير طبي من ذوي الإختصاص الثقاة) فهذا هو القتل الخطأ الذي قال الله تبارك وتعالى فيه {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} النسآء 92. فتطبيقا لهذا النص الشريف يجب عليها أمران:
1- الدية، وهي مآئة من الإبل أو قيمتها في القول الراجح وتقدر حسب العرف وما يصطلح عليه الطرفان لقوله تعالى في الآية الكريمة السابقة (إلّا أن يصّدّقوا).
2- الكفارة وهي تحرير رقبة مؤمنة، فيجب عليها أن تسأل عن وجود العبيد وأن لا تترك هذا السؤال لأن وسآئل التواصل قد تيسرت في هذا الزمان، فإن وجدت الرقبة المؤمنة تشتريها وتعتقها، فإن لم تجد فتصوم شهرين متتابعين، فإن لم تستطع الصيام لشهرين متتابعين فلها تفريق الصيام قدر الإستطاعة كما قال به بعض العلمآء رحمهم الله تعالى، فإن تعذر الصوم في كل حال فقد ذهب السادة الشافيعة ومن وافقهم رضي الله تعالى عنهم إلى جواز إطعام ستين مسكيناً قياساً على الظهار. وذهب السادة الأحناف ومن وافقهم رحمهم الله تعالى إلى عدم جوازه لأن الله عز وجل لم يذكره في الآية السابقة. والكفارات لا قياس فيها عندهم وهو الراجح.
والله سبحانه وتعالى أعلم.