2012/4/2
مشاركة من السيد باهر سمير جزاه الله خيراً

:: فضل الاستخارة ::


ودعته ليلاً ورفعت يدها نحو السماء طالبة من الله عزوجل أن يوصله بالسلامة ثم غفت..
عند آذان الفجر قامت وافترشت مصلاها ثم تناولت كتاب الله وبدأت تتلو آياته وكعادتها قبل أن تتوجه لوضع القهوة على النار فتحت التلفاز فصعقتها كلمات خُطّت على شريط الخبر العاجل سقوط طائرة أثيوبيا فوق البحر توقفت عندها اللحظات واختنقت بعبرتها وأطلقت صرخة أم ثكلى راح مصطفى بالبحر ثم هوت على الكنبة .. .إنها الحاجة زهرة جابر أم محمود من مدينة النبطية أيقظت صرختها الحاج أبو محمود من نومه فقام مسرعا نحوها فوجدها تنوح وتبكي فسألها ماذا حدث فقالت وقعت الطيارة التي سافر فيها مصطفى عندها لم يتمالك الحاج نفسه وبدأت دموعه تنهمر على خديه وما كان من الأم التي اجتمعت آلام الدنيا وأحزانها أمام عينيها إلى أن رمقت الهاتف بعينها أرادت مدّ يدها لكنها ترددت بادئ الأمر فهي لا تريد أن تتأكد من الخبر، ولا تريد سماع نبأ فاجعة تُحطّم قلبها ولكن لابد من ذلك فعاودت الكرة بيدها المرتجفتين، وطلبت رقم هاتف بيت إبنها مصطفى الذي من المفترض أن يكون مسافراً على متن الطائرة الأثيوبية بهدف التوجه إلى الغابون بعد أن ودعته ليلاً .. إلاّ أن الصدمة كانت كبيرة عندما أجاب مصطفى نفسه على الهاتف فصرخت ووقع الهاتف من يدها وبدأت بالبكاء .. وتبين أن مصطفى وبعد أن حزم حقائبه وهيأ كل مستلزمات السفر عاد وألغى الحجز بعد أن استخار الله حيث جاءت النتيجة بالنهي ثلاث مرات ..
وفي غمرة الأحزان التي عمت مدينة النبطية بفقدها لأربعة من أبنائها زارت منزل مصطفى الذي عجّ بالأقرباء الذين فجع بعضهم بقريب أو بشقيق وكانت الدموع والمشاعر مختلطة فالعائلة بدت غير مصدقة بأن مصطفى لا زال على قيد الحياة ولم يكن على متن الطائرة بعدما أصاب الكثير منهم ما أصاب والدته ..
يقول الناجي مصطفى: استعديت للسفر بشكل كامل وكنت أهم بالاستعداد للتوجه إلى بيروت لكني عندما وجدت الطقس عاصفاً بدأت أشعر ببعض الحيرة والتردد حينها اتصلت بأحد العلماء وطلبت منه أن يستخير الله في أمري فقال لي لا تقدم ثلاث مرات، فقررت بشكل مفاجئ أن ألغي سفري .. وبالفعل اتصلت بمكتب الحجوزات وألغيت الحجز فطلبوا مني جزية 100 دولار فأجبتهم خذوا 200 إذا أردتم لكن إلغوا الحجز في الطائرة .. وعند آذان الفجر قمت وأفقت أبنائي للصلاة وبينما نحن كذلك وإذا بإبني يركض ويعانقني ويقبلني ويبكي فذهلت لما فعل !! ولدى سؤاله عن سبب ذلك فأجابني بأن الطائرة قد سقطت في البحر فحمدت الله على نجاتي وأسأل الله أن يتغمد الضحايا برحمته .