2012/08/16
السؤال:
السلام عليكم حظرة الشيخ

سؤالي ما قولكم في علم الإعجاز القرآني ورفض بعض العلماء المسلمين له؟
واذا صح هذا الرفض السؤال هو: ألم يدخل الإسلام من غير المسلمين الكثير من الباحثين وغيرهم بسبب اكتشاف حقائق علمية حديثة اثبتها القرآن؟ وكذلك من يصيبه الشك الذي هو من الشيطان الا يجد ردا في هذه الحقائق العلمية ما تعينه عن التخلص من هذا الشك؟ وأنا أذكر أني قرأت قديما للإمام الغزالي إن على من يصيبه الشك فليقرأ وليتعلم بقدر ما يزول به الشك؟

الاسم: مسلمة

الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

أوجه الإعجاز في القرآن الكريم كثيرة منها اللغوي ومنها الأخبار التي جاء بها كغلبة الروم على دولة فارس ومنها الإعجاز العلمي الذي قد تقصدينه في سؤالك، فالقران الكريم لا يتناقض مطلقا مع الحقائق العلمية الثابتة بل جاء ليحث الناس على التفكر بآيات الله عزوجل واكتشاف مكنوناتها في عدة مواضع منه كقوله تعالى {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} آل عمران – عليهم السلام- 191، وقوله عز وجل {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً} نوح – عليه السلام-15، 16.

وما سميتيه من رفض بعض العلماء له ليس رفضا بالمعنى الحقيقي ولكنه دعوة لعدم التسرع والجري خلف النظريات العلمية والتي لم تثبت صحتها، ففي بعض الأحيان تعلن نظرية في ظاهرة من ظواهر الكون فيسارع البعض إلى محاولة ربط هذا القول بآية من كتاب الله عز وجل، فإذا تبين خطأ النظرية ربط ضعفاء الإيمان بينهما وكأنه تكذيب لكلام الله تعالى.

فالقران الكريم كتاب هداية ومنهج لحياة البشر وتعريف لهم برسالتهم في هذه الحياة، وكونه يحمل حقائق علمية عن الكون لا يجعل منه كتاب فيزياء أو كيمياء فليس لأجل هذا أنزله الله جل جلاله وعم نواله.
ومع ذلك فقد أثبت علمآء الشريعة والعلماء في الاختصاصات الأخرى الكثير من الحقائق العلمية المكتشفة جاء ذكرها في القرآن الكريم بشكل لا يقبل الشك، مع التأكيد على أن الآية لا ينحصر معناها في الحقيقة العلمية التي ربطت بها بل هي وجه من أوجه فهم الآية الكريمة.

هذا بالإضافة إلى أن الله سبحانه وتعالى وعد بانكشاف الحقائق في الآفاق والأنفس بما يثري حقيقة الإيمان ويدعم مسيرة المؤمنين والمؤمنات والباحثين عن الحق والباحثات قال تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} فصّلت 53، فإذا رفضنا الإعجاز العلمي فكيف نستطيع فهم الوعد الرباني؟ فهذا وغيره يدعم قول مَن قال بضرورة الالتفات إلى الإعجاز العلمي في كتاب رب الأرض والسماوات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.