السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته, هذا نص رؤياي و أرجو أن أجد عندكم التعبير, فمنكم يرتجى الفضل و تقبلوا منا خالص الشكر و المحبة.
 
فقد رأيت في منامي أني في جماعة من آل البيت عليهم السلام و أنا منهم و كنت أتقدمهم و أرأسهم, و كنا نركب الخيل و نلبس ثيابا بيضا و عمائم على الرأس و كنا نسير في صحراء قاحلة جرداء حتى إنتهينا إلى مغارة دخلتها وحدي فوجدت فيها عين ماء تنزل من السماء مباشرة و تصب في عين ماء أخرى تنبع من الأرض دون أن يلتقي ماء العينين, بحيث كانت تحول بينهم صدفات و كان صبيب كلتا العينين ضعيف الماء, فقمت وأزحت الصدفات فالتقى ماء العينين وفاض الماء بغزارة بحيث عم كل الأرض الصحراء و أصبحت الأرض فجأة مخضرة مزهرة و الماء أصبح غزيرا غزارة الوديان. فقمت بأخذ أول حفنة ماء نقي و تذوقتها فلم أجد ألذ منها قط ثم أخذت الثانية فوجدتها أختلطت بعشب الأرض فامتنعت عنها وزهدت فيها. بعد ذلك رأيت نفسي أصلح بين جماعتين متقاتلتين من الناس حيث ألقت إحداهما السلاح وثم التصدق بكل ممتلكاتها في سبيل الله.
 
الاسم: محمد
 
 
الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، جزاك الله تعالى على حسن ظنك وأرجوه عز وجل أن يجعلني كذلك وأن يحبك كما أحببتني فيه.
 
الحمد لله تعالى فهذه رؤيا مباركة بما تضمنته من معانٍ وإشارات، ففيها إرشاد إلى أسس النهوض بالأمة، ومن هذه الأسس أن يكون الإنسان ملتصقا بآل بيت النبي صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم، فهو عليه الصلاة والسلام إمامهم وأصلهم وأصل الخير فيهم.
 
ووجود الملابس البيضآء والعمآئم على الرأس تؤكد على ضرورة تنقية السلوك والتوجه إلى الله تبارك وتعالى بشكل مخلص، لأن الثياب والعمآئم تدل على الدين ولونها يدل على الفطرة والنقآء والصفآء.
 
ولا شك أن حياة المسلمين في هذا الزمن أغلبها قاحلة جردآء لانشغالهم بالدنيا وتكالبهم عليها فجعلوا حياتهم الروحية مقفرة وهو ما حذرنا منه ربنا عز وجل و سيدنا رسول الله صلى الله عليه آله وصحبه وسلم، قال تعالى {…فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} لقمان – عليه السلام – 33. وقال عليه الصلاة والسلام (ما الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ) متفق عليه.
 
وقد حث الله سبحانه عباده إلى ضرورة التوجه إليه فقال سبحانه {…فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} الكهف 110.
 
واختلاط مآء عين السمآء بعين الأرض إشارة إلى ضرورة الأخذ بهدي السمآء لأن المآء النازل من السمآء دليل على الوحي الإلهي وعين الأرض دليل على ضرور الإستفادة من المقدرات التي جعلها الله تعالى في الأرض، ولكن للأسف فإن هذا التمازج غير موجود الآن، ولكنك حين حاولت إزالة هذه العوآئق بدأ صبيب المآء قوياً بعد أن كان ضعيفاً. فأرجو الله جل جلاله وعم نواله أن يستخدمك لخدمة الدين بالدعوة إليه بشكل سليم وصحيح من فقه الواقع بشكل جلي، وأخذ الوحي النازل من السمآء بشكل مخلص وقوي.
 
ولا شك حين تتجمع هذه الأسباب فإن الله تعالى يثبّت وينصر ويفتح، وهذا ما يشير إليه منظر الأرض مخضرة مزهرة والمآء أصبح غزيراً ولا شك أن هذا يؤدي إلى السعادة لذلك ما وجدت ألذ من ذلك المآء.
 
ومن المؤكد أن سنة الله تبارك وتعالى هي إن الخير حين يلامس الأرض لا يخلو من شآئبة، فحين يسقط المطر تسقط معه الأوراق والشوآئب بل وحتى النجاسات – أجلكم الله تعالى – لكن مع ذلك فما دام المآء يجري فإنه ينقّي نفسه، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
 

إني رأيت وقوف المآء يفسده         إن سال طاب وإن لم يجرِ لم يطبِ

 
وفي المنام إرشاد إلى ضرورة الإصلاح بين الناس قال عز وجل {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} النسآء 114. وقال تعالى {…وَالصُّلْحُ خَيْرٌ…} النسآء 128. وقال أيضاً {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا…} الحجرات 9. ومن المؤكد أن المسلمين إذا قاموا بمهمة الإصلاح بنية صادقة فإن الله عز وجل يكرمهم بالتوفيق. ومن التوفيق أن يلقوا السلاح الذي يستخدم في القتل فيما بينهم، وهذا ما حصل في المنام وهو تأكيد للحقيقة الإيمانية المتمثلة في صفآء العلاقة بين المؤمنين قال عز وجل {ِإنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} الحجرات 10.
 
والله سبحانه وتعالى أعلم.