2012/10/20

السؤال:

شيخنا الفاضل

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي: ما حكم بقاء الزوجة مع الزوج الزاني إذا علمت يقينا لا ظنا أنّه قد وقع بالزنى مع اعتراف الزوج بذلك؟

هل واجب على الزوجة أنْ تسامحه وتبقى سجينة معه بعدما فقدت الثقة والأمان معه وهو أساسا مقصر بحقوقها الزوجية ومعترف بذلك التقصير.

وإذا أرادت الزوجة الطلاق ما ذنب الأولاد الذين سيكونون ضحية وهم أساسا لا يعلمون ما المشكلة التي أدت الى الطلاق!

هل تكون الزوجة في هذه الحالة آثمة بطلب الطلاق؟

وعذرا يا شيخنا عن الإطالة واسمح لي أنْ أسال سؤالا ثانيا وهو:

هل مصاحبة الزوج لامرأة أجنبية محرمة عليه والخلوة معها مع مداعبتها بأدق التفاصيل كما يفعل الزوج مع الزوجة لكن دون جماع فهل تعتبر هذه الحالة زنى أم ماذا؟

مع شكري وامتناني ودعائي

 

الاسم: المُحبة في الله

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

أولا: في مناسبة هذا السؤال أنصح المبتلى بأن يستر على نفسه خاصة الزوجان ولا يبدي أحدهما صفحته للآخر، لأن الله تبارك وتعالى لمّا ستر على الإنسان أحب له الستر.

والكشف يدخل من باب المجاهرة بالمعاصي وهي شرٌ وبيل، قال سيدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه:-

(كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ) الإمام البخاري رحمه الباري سبحانه.

وقال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَنْ يَأْبَى؟، قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى) الإمام البخاري رحمه الله جلّ في علاه.

ومن طاعته أنْ نلتزم أمره عليه الصلاة والتسليم وآله وصحبه أجمعين في قوله:-

(أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَنْتَهُوا عَنْ حُدُودِ اللَّهِ مَنْ أَصَابَ مِنْ هَذِهِ الْقَاذُورَاتِ شَيْئًا. فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ. فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِي لَنَا صَفْحَتَهُ، نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ) الإمام مالك رحمه الله تعالى في الموطأ.

وكذلك دعوته صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه للمجتمع إلى التستر في قوله:-

(— وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الإمام مسلم رحمه المنعم جلّ جلاله.

 

ثانيا: وهذا الكشف من جانب الزوجين لصفحاتهما يؤدي إلى إرباك العلاقة الزوجية وربما إلى إنهائها على شرّ، وهذا مناف للخلق والحكمة. فالله عزّ وجلّ أنزل نصوصا من الوحي الشريف وعلى لسان أفضل خلقه سيدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم في بناء الأسرة على أسس سليمة وصحيحة وأركان متينة وقوية وبالتالي فإن هذه التصرفات قد تؤدي إلى هدم هذه الأركان والقضاء على هذه الأسس وكلّ ذلك منهي عنه في شرع الله جلّ وعلا.

 

ثالثا: المعاصي لا تؤثر على عقد الزواج من حيث صحته، إذا استجمع العقد شروطه من الإيجاب والقبول وحضور الوليّ وموافقته وحضور الشهود وتسمية المهر.  فإنْ طرأت المعاصي فإن هذا العقد لا ينتقض ويبقى قائما طالما أنّ العاصي باق في إطار دين الله عزّ وجلّ ولم يخرجه ذنبه من الملّة.

 

رابعا: ومع عظم الذنب الذي حذر ربّ العزة جلّ وعلا من قربانه في قوله:-

{وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} [سورة الإسراء: 32].

فإنك والحمد لله تعالى تفكرين بمصير أولادك ومسؤوليتك تجاههم وهذا ممّا يجب أنْ يتوفّر في الزوجة الصالحة الحريصة على أسرتها فهو دليل صلاحك بارك الله تعالى فيك.

 

خامسا: الوصف الذي ذكرتيه في سؤالك الأخير لا يدخل في الزنى، وإنّما يدخل في حديث سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-

(الْعَيْنُ تَزْنِي، وَالْقَلْبُ يَزْنِي، فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا الْقَلْبِ التَّمَنِّي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ مَا هُنَالِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ) الإمام أحمد رحمه الفرد الصمد تقدّست أسماؤه.

 

فأدعو الله عزّ وجلّ أنْ يلهم زوجك رشده ويعينك على الأخذ بيده بحسن النصيحة والتبعل له، فإن أصرّ على ذلك ورأيت في تصرفه ضررًا على حياتك وحياة أبنائك معه فلكِ أنْ تطلبي الطلاق مع التأكّد من قيامك بواجباتك تجاه أولادك وخاصّة للذين لا يزالون يحتاجون رعايتك.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم وبارك على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.