2013/1/25

مشاركة الأخ عبد الرزاق علي جزاه الله خيراً.

:: لقاء بين الحبيب والمحبوب ::

قال تعالى: (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )) [الإسراء : 1].
نتشرف بموقف واحد من معجزة الإسراء والمعراج وما فيها من التكريم لحضرة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والتسليم ، علما أنّ المواقف كثيرة ، ألا وهو موقف اللقاء بين الباري جلّ جلاله وعم نواله ، وبين حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم ، وإذا أردنا أن نصف هذا الموقف فخير وصف له ما ذكره الله في كتابه الحكيم ، فقال تعالى: (( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى )) [النجم: 11] وقال جل جلاله: (( مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى )) [النجم : 17] . وفيه وصف لكمال أدبه عليه الصلاة والسلام في ذلك المقام ، فللقلب زيغ وطغيان ، كما للبصر زيغ وطغيان ، والزيغ : معناه أن يلتفت الناضر عن يمينه ، وعن شماله منشغلا عن غاية النظر ومراده ، والطغيان : التطلع ومجاوزة المقام الذي أنت فيه إلى مقام أعلى ، وكلاهما منتف عن قلبه وبصره صلى الله عليه وسلم ، فلم يزغ منه صلى الله عليه وسلم البصر ملتفتا عن الله تعالى إلى غيره من المشاهد العظيمة في سدرة المنتهى ، وما فيها مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.

 ولم يتطلع ويتجاوز المقام الذي وضع فيه ، وهذا من كمال الأدب مع الله تعالى الذي لا يلحقه فيه احد سواه صلى الله عليه وسلم ، فان عادة المخلوق أن يتطلع إلى ما هو أعلى ، فهذا سيدنا موسى عليه السلام لما أقيم في مقام التكليم والمناجاة : طلب من الله تعالى أن يراه متطلعا إلى مقام اللقاء والنظ إلى الله تعالى .

وقد وافق الفؤاد البصر في هذا الثبات وكمال الأدب ، فقد قرأ أبو جعفر : ما كذّب الفؤاد ما رأى ، بتشديد الذال ، أي لم يكذب الفؤاد البصر بل صدقه بما رأى ، فالقلب كالبصر كان منصرفا بكله إلى الله تعالى ، ولم ينشغل عنه بسواه ، وما تجاوز ما أعطاه الله تعالى من مقام وما حباه.