12/7/2013

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته…

حضرة الشيخ حفظكم الله وأدامكم لنا ذخرا دنيا وآخرة…

سؤالي حول حكم صيام السابع والعشرين من رجب؟

جزيتم كل خير

 

الاسم: عبد الحكيم

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

أشكر تواصلك مع هذا الموقع المبارك، ودعائك الطيّب، وأسأله جلّ في علاه أنْ يوفقك وجميع المسلمين لتعظيم شعائر الله عزّ وجلّ فيكونوا ممّن قال الحق سبحانه فيهم:-

{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [سورة الحج: 32].

إنّ شهر رجب من الأشهر الحُرُم التي قال الله عزّ وجلّ فيها:-

{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ —} [سورة التوبة: 36].

لكن لم يثبت عن حضرة النبيّ صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم شيءٌ صحيحٌ في صيام شهر رجب على وجه الخصوص بل ورد من حيث العموم، فعن مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمّها رضي الله تعالى عنهم:-

(أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ انْطَلَقَ فَأَتَاهُ بَعْدَ سَنَةٍ، وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهُ وَهَيْئَتُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَا تَعْرِفُنِي، قَالَ: وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الْبَاهِلِيُّ، الَّذِي جِئْتُكَ عَامَ الْأَوَّلِ، قَالَ: فَمَا غَيَّرَكَ، وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟ قَالَ: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا إِلَّا بِلَيْلٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَ عَذَّبْتَ نَفْسَكَ، ثُمَّ قَالَ: صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، قَالَ: زِدْنِي فَإِنَّ بِي قُوَّةً، قَالَ: صُمْ يَوْمَيْنِ، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، قَالَ: زِدْنِي، قَالَ: صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الحُرُمِ وَاتْرُكْ، وَقَالَ: بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ فَضَمَّهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا) الإمام أبو داود رحمه الودود تقدّست أسماؤه.

ومع ذلك: إذا كان القصدُ من الصيام شكرَ الله ذي الجلال والإكرام على ما أنعم به سبحانه على حبيبه ومصطفاه عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام وعلى أمّته في هذه المعجزة الكريمة المباركة فلا مانع من ذلك، فقد كان حضرة النبيّ صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم يعظّم أيّام الله تعالى التزاما بقوله عزّ شأنه:-

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سورة سيّدنا إبراهيم عليه السلام: 5].

نعم كان صلّى الله تعالى وسلّم على ذاته وصفاته وآله وصحابته يعظّم أيّام الله جلّ وعلا بالصوم شكرًا له جلّ جلاله وعمّ نواله، فعن سيّدنا أبي قتادة الأنصاري رضي الله سبحانه عنه قال:-

(وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ؟ قَالَ: ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ – أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ) الإمام مسلم رحمه المنعم عزّ وجلّ.

ولمّا قَدِمَ عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام إلى المدينة التي أصبحت منوّرة بأنواره وطلعته البهيّة:-

(رَأَى اليَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ، فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ: فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ، فَصَامَهُ، وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ) الإمام البخاري رحمه الباري سبحانه.

وقد ورد حديث ضعيف في صيام وقيام اليوم والليلة الموافقة لمعجزة الإسراء والمعراج وهو عنْ سيّدنا سلمان الفارسيّ رضي الله تعالى عنه قال:-

(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي رَجَبٍ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ مَنْ صَامَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَقَامَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ كَانَ كَمَنْ صَامَ مِنَ الدَّهْرِ مِائَةَ سَنَةٍ، وَقَامَ مِائَةَ سَنَةٍ، وَهُوَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ رَجَبٍ، وَفِيهِ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الإمام البيهقي رحمه الله عزّ شأنه.

ومن المعلوم أنّ العلماء رضي الله تعالى عنهم وعنكم قد جوّزوا العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وصيام هذا اليوم وقيام ليلته منها.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.