2013/07/22

السؤال:

إلى حضرة الشيخ سعد الله أحمد عارف (حفظك الله وأيدك بنصره وجعلك ذخرا لأهل السنة والجماعة في كلّ زمان ومكان)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …

حضرة الشيخ أنا أتشرف بمحبتكم وبأخذ النصح منكم

شيخنا الحبيب كنت قد نذرت نذرا قبل مدة طويلة والنذر هو أنْ أعطي مبلغا من المال لأحد أقاربي .. لكني لم أستطع أنْ أدفع المبلغ الذي حددته في نفسي وعاهدت الله في وقتها على أنْ أدفعه لهذا الشخص،، فماذا أفعل؟؟ علما أنّ هذا الشخص قال لي: ادفع لي المال المحدد وسآخذ منه جزء معين وأرجع لك الباقي.

وقال لي أيضا: لا تدفع لي شيئا وأنا أبريك الذمة تماما.

سؤالي يا حضرة الشيخ: ماذا تنصحني أنْ أفعل؟؟ وهل يجوز لي أنْ أعمل بأحد الاختيارات المطروحة من قبل الشخص المعني؟؟ أفيدونا جزاكم الله عنا خيرا

المحب لكم أبو نورية من بغداد.

 

الاسم: ابو نورية

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، أحبّك الله سبحانه الذي أحببتني فيه وجزاك خيرا على دعواتك المباركة وأرجوه عزّ وجلّ أنْ يجعلني عند حسن ظنكم جميعا  ويوفقك لِمَا يحب ويرضى.

لا بدّ من التذكير أوّلاً على كراهة إنشآء النذور لقول سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وآله صحبه وسلم (لا تنذروا فإنّ النذر لا يغني من القدر شيئاً وإنّما يستخرج به من البخيل) الأئمة مسلم والترمذي والنسآئي رحمهم الله تعالى، ولأنّ في النذر اشتراطا على الخالق جلّ وعلا لأدآء القربات، ولكنْ إذا نذرت فعليك الوفآء، وقد امتدح ربّنا تبارك وتعالى الموفين بنذورهم في قوله {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْماً كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} الإنسان/7. وإذا أنشأ الإنسان نذرا فينبغي أنْ يكون في حدود قدرته لا أنْ يُلزم نفسه بما لا يطيق، ففي إنشآء النذور الشاقة توريط النفس في الحرج الشرعي وقد يعبّر عن يأس وقنوط صاحب النذر من تحقيق ما يرجوه.

وبالنسبة لحالتك فعليك دفع المبلغ الذي نذرته لقريبك بغض النظر عن تنازله أو وعده بإرجاع المبلغ، ويمكنك  تقسيط المبلغ بحسب قدرتك إلى أنْ تفي به دون أنْ يخالط نيتك أنّ هذا المبلغ سيعود إليك.

فإنْ صدق قريبك ما وعد به فهو فضلٌ من الله جلّ جلاله، وإحسانٌ من قريبك يستوجب الشكر، وإنْ لم يرجعه فالأمر إليه، ولا يجوز لك أنْ تطالبه أو أنْ يكون ذلك سببا في تغيّر قلبك تجاهه، فعسى ربّنا عزّ وجلّ أنْ يعوّضك خيرا جزآءَ تقواك ووفآئك بنذرك وهو القآئل سبحانه {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن نَّفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُم مِّن نَّذْرٍ فَإِنَّ اللّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} البقرة/270، والقآئل عزّ وجلّ {…وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً} الطلاق/2 – 3.

وقد قال بعض الفقهاء رضي الله تعالى عنهم وعنكم: إذا كان النّذْرُ محددا بوقت ثمّ لم يستطع الناذر أنْ يفيَ به فعليه كفّارة اليمين لقوله عليه الصلاة والتسليم وعلى آله وصحبه أجمعين (كفّارَةُ النّذْرِ كفّارَةُ اليَمِينِ) الإمام مسلم رحمه الله تعالى، وكفّارة اليمين هي ما ذكره الله سبحانه وتعالى بقوله {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة/89]، وأرجو مراجعة أجوبة الأسئلة المرقمة (82، 830، 1400، 1479) من قسم الأيْمَان والنذور في هذا الموقع المبارك.

والله عزّ وجلّ أعلم.