2013/11/09
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وفقكم الله تعالى سيّدي لكلّ خير على هذا الموقع المتميز وَبَارك فيكم والعاملين فيه.
سيّدي كنت قبل الزواج محجبة حجابا إسلاميا كاملا وتزوجت من شاب مثقف صاحب دين لكن فوجئت بأنه فرض عليّ أنْ ألبس ملابس ضيقة، حتى يوم الزفاف فرض عليّ أنْ أخلع الحجاب وأطعته للأسف. فماذا أفعل الآن؟ علما أنه يحتج بالموديل والتطور، وأنّ البنطلون وإنْ كان ضيقا فهو أستر من الجبّة.
وجزاكم الله تعالى كلّ خير، وأعتذر عن الإطالة.
الاسم: أنوار
الرد:-
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
بارك الله عزّ وجلّ فيك على دعائك الطيب وأرجوه سبحانه أنْ يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علّمنا ويجعله خالصا لوجهه الكريم.
إنّ ممّا يترك في الحلق غصّة وفي القلب حسرة أنْ نرى أناسا أو نسمع عنهم وهم يطلبون من زوجاتهم أنْ يلبسوا الضيّق من الثياب والتجرّد من الحجاب في حين كان الرجل في السابق هو مَنْ يبذل مجهودا كبيرا لإقناع زوجته لتلبس ما يستر جسمها ولا يظهر مفاتنها واليوم يحدث العكس فإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
قال الله جلّ جلاله وعمّ نواله:-
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة النور: 31].
وقال سبحانه:-
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [سورة الأحزاب: 59].
وقَالَ سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-
(ثَلاثَةٌ لا تَسْأَلْ عَنْهُمْ: رَجُلٌ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ وَعَصَى إِمَامَهُ وَمَاتَ عَاصِيًا، وَأَمَةٌ أَوْ عَبْدٌ أَبَقَ مِنْ سَيِّدِهِ فَمَاتَ، وَامْرَأَةٌ غَابَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَقَدْ كَفَاهَا مُؤْنَةَ الدُّنْيَا فَتَبَرَّجَتْ بَعْدَهُ، فَلا تَسْأَلْ عَنْهُمْ) الإمام الطبراني رحمه الله جلّ وعلا.
وجَاءَت السيِّدَةُ أُمَيْمَةُ بِنْتُ رُقَيْقَةَ رَضِيَ اللهُ سُبْحَانَهُ عَنْهَا إِلَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآله وأصحابه وَسَلَّمَ تُبَايِعُهُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَقَالَ:-
(أُبَايِعُكِ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكِي بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقِي وَلَا تَزْنِي وَلَا تَقْتُلِي وَلَدَكِ وَلَا تَأْتِي بِبُهْتَانٍ تَفْتَرِينَهُ بَيْنَ يَدَيْكِ وَرِجْلَيْكِ وَلَا تَنُوحِي وَلَا تَبَرَّجِي تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الإمام أحمد رحمه الفرد الصمد عزّ شأنه.
فالحجاب واجب شرعي فرضه الله جلّ وعلا على النساء ستراً لهنّ وحفاظاً عليهنّ ويستوجب الطاعة لله عزّ وجلّ ولرسوله عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام، قال سبحانه:-
{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلّ ضَلاَلاً مّبِيناً} [سورة الأحزاب: 36].
ومن شروطه:-
1- استيعاب جميع البدن إلاّ ما استثني (الكفان والوجه على أحد القولين) وأنْ لا يكون زينةً في نفسه، قال عزّ من قائل:-
{وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ إِلاّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ عَلَىَ جُيُوبِهِنّ} [سورة النور: 31].
وقال سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-
(مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَهُ شِبْرًا، قُلْتُ: إِذَا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ؟ قَالَ: فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ) الإمام النسائي رحمه الله عزّ وجلّ.
وقال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-
(المَرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ) الإمام الترمذي رحمه الله تعالى.
2- أنْ يكون صفيقاً (أي ثخينا) لا يشف: وذلك لأنَّ الستر لا يتحقق إلا بالصفيق، أمّا الشفاف فإنّه يزيد المرأة فتنةً وزينة.
يقول سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والتسليم وآله وصحبه أجمعين:-
(صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَا أَرَاهُمَا بَعْدُ نِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ عَلَى رُءُوسِهِنَّ مِثْلُ أَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ لَا يَرَيْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَرِجَالٌ مَعَهُمْ أَسْوَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ) الإمام أحمد رحمه الله جلّ ذكره.
3- أنْ يكون فضفاضًا لا يصف: عن سيّدنا أُسَامَةَ بن زَيْدٍ رضي الله تعالى عنه:-
(أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَسَاهُ قِبْطِيَّةً مِمَّا أَهْدَاهُ لَهُ دِحْيَةُ الْكَلْبِيُّ، فَكَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا لَكَ لا تَلْبَسُ الْقِبْطِيَّةَ؟، قُلْتُ: كَسَوْتُهَا امْرَأَتِي، قَالَ: مُرْهَا أَنْ تَجْعَلَ تَحْتَهَا غِلالَةً، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ عِظَامَهَا) الإمام أحمد رحمه الصمد تقدّست أسماؤه.
فأوصيك بالتمسّك بطاعة الله عزّ وجلّ، فارتدي الحجاب وتمسكي به، ولا تطيعي أحداً في تركه، وليس لزوجك أنْ يمنعك من الحجاب الذي أمر الله جلّ وعلا به، وإنْ فعل ذلك أثم، ولمْ يجز أنْ تطيعيه، لقوله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-
(لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ) متفق عليه.
وعليك بالسعي في هدايته وتعريفه على الحقّ والعمل به، وحاولي أنْ تطلعيه على فتاوى العلماء في هذا الموضوع لا سيّما وهو صاحب دين كما تقولين، وأكثري الدعاء له بالهداية وتحصني بالله واستعيني به أنْ يوفقك ويعصمك ممّن يحملك على المعصية.
والله جلّ وعلا أعلم.
وصلّى الله تعالى وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الجود والكرم.