2013/11/10

مشاركة من فضيلة الشيخ مثنى جزاه الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم

:: من لطائف الهجرة النبوية الشريفة في القرآن الكريم ::

لقد أمر الله تبارك وتعالى نبيّه الكريم عليه الصلاة والتسليم وعلى آله وصحبه أجمعين بالهجرة من مكّة المكرّمة فقال: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال/30].

والآية الأخرى التي تحدّثت عن هجرته صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه هي قوله سبحانه: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}  [التوبة/40].

والمتأمّل في هذين الآيتين الكريمتين يجد أنّ الثانية منهما وردت في الصفحة المرقمة (193) بترقيم المصحف، بينما الآية الأولى وردت في الصفحة المرقمة (180)، فإذا أجرينا عملية طرح بين هذين الرقمين نحصل على الرقم (13) وهو عدد السنوات التي قضّاها سيّدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم في مكّة المكرّمة قبل الهجرة الشريفة.

ثمّ إذا انتبهنا إلى رقمي الآيتين نجد أنّ الثانية منهما تحمل الرقم (40) بينما تحمل الأولى الرقم (30)، فإذا أجرينا عملية الطرح بين الرقمين أيضا نحصل على الرقم (10) وهو عدد السنوات التي قضّاها سيّدنا رسول الله صلى الله تعالى وسلم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه في المدينة المنورة بعد الهجرة الميمونة.

كما أنّ الآية الأولى وردت في سورة الأنفال، أمّا الثانية فقد وردت في سورة التوبة، فهل لهاتين التسميتين علاقة بالهجرة؟

الجواب: نعم، فكلمة الأنفال تعني الغنائم، فكأنّ اسم السورة يشير إلى أنّ في الهجرة غنيمةً بل غنائمَ (غنيمة النجاة من كيد الكائدين، غنيمة الاستقلال وتأسيس دولة الإسلام، وغيرها) وإلى هذا المعنى أشار الحبيب المصطفى والنبيّ المجتبى صلوات الله تعالى وسلامه عليه وآله وصحبه ومن اهتدى إذ قال: (سافروا تصحّوا وتسلموا) الإمام الطبراني رحمه الله تعالى، وفي رواية أخرى قال: (سافروا تصحّوا وترزقوا) الإمام البيهقي رحمه الله جلّ وعلا، وفي أخرى أيضا قال: (سافروا تصحّوا وتغنموا) الإمام البيهقي رحمه الله سبحانه.

أمّا التوبة: فلها صلتها الوثيقة جدا بالهجرة، فقد قال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مَغْرِبها) الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وقد عرّف النبيّ صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم الهجرة التي لا تنقطع فقال: (وأشرف الهجرة أن تهجر السيئات) الإمام الطبراني رحمه الله تعالى، وفي رواية أخرى قال: (الهجرة أنْ تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، ثمّ أنت مهاجر وإن متّ بالحضر) الإمام أحمد رحمه الله سبحانه، وقد سئل عليه الصلاة والتسليم وآله وصحبه أجمعين فقيل: (أيّ الهجرة أفضل؟ فقال: أنْ تهجر ما كره ربّك) الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وعرّف المهاجر فقال: (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) الإمام البخاري رحمه الله عزّ وجلّ، وهذه هي حقيقة التوبة.

أسأل الله جلّ جلاله وعمّ نواله أنْ يرزق جميع المسلمين التوبة والإنابة إليه جلّ وعلا ويوفقهم لما يحبّ ويرضى إنّه سبحانه الهادي إلى سواء السبيل.

الرد:

بارك الله تبارك وتعالى فيك على هذه المشاركة الشريفة ذات المعاني اللطيفة، كيف لا وهي مستفادة من كتاب الله عزّ وجلّ وهجرة سيّدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم، أسأل الله جلّ وعلا أنْ يرزقنا حسن تلاوة كتابه الكريم وحفظه وفهمه والعمل به على الوجه الذي يرضيه عنا برحمته إنه سبحانه وليّ التوفيق.