2013/11/19

مشاركة من الأخت ام محمد جزاها الله جلّ جلاله وعمّ نواله خيراً.

:: طلبت الطلاق ثمّ عدلت عنه، كيف ولماذا؟ ::

 

بطل هذه القصة هو قاضي في إحدى الدول العربية يقول فيها:

دخلت عليّ زوجة في مقتبل العمر وأنا جالس في المحكمة أنظر في قضايا الزواج والطلاق، فسلمت عليّ ثمّ قالت: أريد أنْ تطلقني من زوجي…

قلت: هل أستطيع معرفة السبب الذي يدفعك لطلب الطلاق؟!

قالت: لا مانع .. فطالما أنني وصلت إلى المحكمة، فلا مانع من ذكر كلّ شيء…

قلت: حسنا… تفضلي واستريحي وخذي هذه ورقة بيضاء وقلما…

نظرت إليّ باستغراب ثمّ قالت: ولماذا الورقة والقلم؟!

قلت: لتكتبي لي سلبيات زوجك، والأسباب التي دفعتك للحضور إلى المحكمة.

قالت: حسنا، ولكن اعطني فرصة… ثمّ جلست على الكرسي ومكثت تفكّر بضع دقائق ثمّ حضرت وسلمتني الورقة فنظرت إليها وإذا مكتوب فيها:

1- إنّ زوجي يضربني أحيانا…

2- إنه بخيل ولا ينفق عليّ.

قلت بعد أنْ قرأت الورقة: فقط هذه الأسباب هي التي دفعتك للطلاق؟!!

قالت متسائلة: وهل تستطيع امرأة غيري أنْ تعيش مع رجل يضربها ويبخل عليها.

قلت لها: وهل هناك أسباب أخرى؟!

قالت: لا….

ثمّ تناولتُ ورقة بيضاء ثانية وسلمتُها إيّاها وقلت لها: أيمكن أنْ تكتبي لي إيجابيات زوجك!

فنظرت إليّ قائلة: هل تريد أنْ تطلقني من زوجي أم لا؟؟!

قلت لها: نعم سأطلقك، ولكن أعطيني من وقتك القليل كي أقتنع بطلبك…

قالت: حسنا.. ثمّ أخذت الورقة البيضاء، وجلست فترة وهي تفكّر ثمّ جاءت وقدّمت الورقة فنظرت إليها ولم تكتب شيئا.

قلت: لماذا لم تكتبي شيئا؟

قالت: بصراحة ….فكّرت كثيرا، فلم أجد لزوجي إيجابية واحدة.

قلت لها: منذ متى تزوجْتِ؟!

قالت: منذ أثني عشر عاما، وعندي منه أربعة أطفال…

قلت: وأين يعمل زوجُك؟

قالت: في شركة البترول، وراتبه (1500) د.ك، أي ما يعادل (5250) دولارا تقريبا.

قلت: ومتى يرجع إلى المنزل؟!

قالت: يأتي كلّ يوم الساعة الثالثة عصرا، لكنّه مزعج..

قلت: مزعج.. ماذا تقصدين؟!!

قالت: عندما يدخل البيت كلّ يوم يرفع صوته مع الأولاد ويلعب معهم…

ثمّ ناولتُها الورقة البيضاء وقلتُ لها: أيمكن أنْ تسجلي هذه الإيجابية لي؟ فنظرت إليّ وهي مستغربة، ثمّ قالت: وأين الإيجابية؟

قلت: الإيجابية أنه يلعب مع أولاده، وإنّي أعرف آباء لا يلعبون مع أبنائهم.

ثمّ بدأت تكتب الإيجابية الأولى: زوجي يلعب مع أبنائي كلّ يوم.

ثمّ تابعت الحديث معها، فعرفتُ أنها وزوجها وأولادها في الصيف الماضي ذهبوا إلى ”تركيا” للسياحة، فأعطيتها الورقة، وقلت لها: اكتبي، هذه إيجابية ثانية، فإني أعرف أزواجا لا يسافرون مع أولادهم وزوجاتهم، وبدأت تكتب الإيجابيات أثناء حديثنا عن حياتها الزوجية حتى وصلت إلى اثني عشرة إيجابية…

وهناك توقفتُ عن الحديث معها… ثمّ أخذتُ الورقتين ورقة الإيجابية ووضعتُها على كفي الأيمن، وورقة السلبيات ووضعتُها على كفي الأيسر، ثمّ سألتها هل أطلقك من زوجك؟! فسكتت…وهي تنظر إلى الورقتين ثمّ قالت بعد صمت طويل: والله لقد حيرتني… ولا أعرف ماذا أقول؟ ثمّ استرجعت نفسها وقالت: ولكني لا أريده لأنه يضربني وهو بخيل..

قلت: وأنا لم أنفِ عنه صفه البخل، وإنه يضربك، ولكنّ الرجل عنده حسنات كثيرة فيمكنك العيش معه، وأما البخل والضرب فلهما علاج، ولكن ليس علاجهما ”الطلاق” وأنت تعرفين الآثار النفسية والاجتماعية بعد الطلاق على الزوجة وأبنائها.

قالت: دعني أفكر في الموضوع أكثر ….فذهبت ولم ترجع……

أقول في ختام هذه القصة الواقعية: إنّ مشكلة الإنسان أنه دائما يركز على سلبيات الطرف الآخر ولا ينظر إلى حسناته وهذا ظلم عظيم فالإنسان يقوم بحسناته وسيئاته ثمّ نحدد السلبيات ونضع خطة لعلاجها فلا شيء مستحيل في الحياة إذا كان الإنسان واثقا من نفسه ومتوكلا على ربه.

فنصيحتي لنفسي ولكلّ أخواتي المسلمات لاسيما المتزوجات أنْ ينظرْنَ دائما إلى الجانب الإيجابي في أزواجهنّ ومحاولة تنميته، والتغاضي عن الجانب السلبي لعدم إثارة المشاكل مع العزم الصادق والنية الخالصة لإصلاحه، فالزوجة الصالحة تكون عونا لزوجها، وأتمنّى أيضا أنْ تهتمّ كلّ امرأة بإصلاح عيوبها ومعالجة أخطائها إذ هي كذلك لا تخلو من خلل ونقص، أسأل الله عزّ وجلّ أنْ يصلح عيوبنا ويبارك في أزواجنا وذرياتنا إنّه سبحانه ولي التوفيق.

الرد:

أشكرك جزيل الشكر على تواصلك مع هذا الموقع المبارك وهذه المساهمة الفاعلة وأنا أؤكّد على نصيحتك لأخواتك المسلمات، وينبغي أنْ نعلم أنّه لا يوجد مَن لا يخطئ في هذه الحياة الدنيا إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنهم معصومون، وقد ذكر ربّنا جلّ وعلا في كتابه الكريم صفة من صفات المتقين رضي الله تعالى عنهم وعنكم فقال: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران عليهم السلام/135].

وقال سيّدنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم )كلّ ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) الإمام الترمذي رحمه الله تعالى.

وما أحوجنا في هذا الزمان إلى قضاة آتاهم الله عزّ وجلّ الحكمة فهم يقضون بها ويعلّموها، قال الحقّ جلّ وعلا: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة/269].

وقال نبيّنا الأكرم صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلط على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها) الإمام البخاري رحمه الله تعالى.

أسأل الله سبحانه وتعالى أنْ يوفق الجميع بجاه الشفيع عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام ليكونوا هداة مهديين برحمته إنّه جلّ وعلا أرحم الراحمين.