2013/12/09

السؤال:

السلام عليكم سيّدي حضرة الشيخ سعد الله أدامكم الله نورا وهداية وبارك فيكم، سيّدي أسأل: هناك بعض المسابقات الرياضية تتكون من فرق وتكون هذه المسابقات سيّدي على جوائز ولكن تكاليف هذه الجائزة تكون منصبة ومنقسمة على جميع الفرق أو المتسابقين فيما بينهم من دون إشراف مسؤلين والفائز من هذه الفرق بجهودهم اللياقة والخبرة يحصلون على هذه الجائزة وهذا كثير ومشاع بيننا فهل هذا سيدي يجوز أم لا؟ وجزاكم الله خيرا.

 

الاسم: محمد خليل الراوي

 

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته، شكر الله تعالى الكريم لكم حسن تواصلكم مع هذا الموقع المبارك، وعلى دعواتكم الطيبة.

وبعد: فالجائزة لغةً تعني العطية على وجه التكريم، والله تعالى يمنح عباده الجوائز؛ فعن سَعِيدِ بن أَوْسٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا كَانَ يَوْمُ الْفِطْرِ وَقَفَتِ الْمَلائِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الطُّرُقِ ، فَنَادَوْا : اغْدُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى رَبٍّ كَرِيمٍ يَمُنُّ بِالْخَيْرِ ، ثُمَّ يُثِيبُ عَلَيْهِ الْجَزِيلَ ، لَقَدْ أُمِرْتُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ فَقُمْتُمْ ، وَأُمِرْتُمْ بِصِيَامِ النَّهَارِ فَصُمْتُمْ ، وَأَطَعْتُمْ رَبَّكُمْ ، فَاقْبِضُوا جَوَائِزَكُمْ ، فَإِذَا صَلَّوْا ، نَادَى مُنَادٍ : أَلا إِنَّ رَبَّكُمْ قَدْ غَفَرَ لَكُمْ ، فَارْجِعُوا رَاشِدِينَ إِلَى رِحَالِكُمْ ، فَهُوَ يَوْمُ الْجَائِزَةِ ، وَيُسَمَّى ذَلِكَ الْيَوْمُ فِي السَّمَاءِ يَوْمَ الْجَائِزَةِ) الإمام الطبراني رحمه الله تعالى، وكذا أعطى الرحمة المهداة صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم الجائزة، وحضرته أكرم من الريح المرسلة فقال (وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ) الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وللجائزة أحكام في التشريع الإسلامي كما في جائزة الضيف؛ قال النبي الأكرم صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم (الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ جَائِزَتُهُ قِيلَ مَا جَائِزَتُهُ قَالَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ) الإمام البخاري رحمه الله تعالى، وفي رواية أخرى (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، قالوا: يا رسول الله، وما كرامته؟ قال: جائزته الضيافة ثلاث ليال ، فما كان بعد ذلك فهو صدقة) الإمام الطبري رحمه الله تعالى.

ومنح الجوائز للمتسابقين مشروعة سواء كانت من أحد المتسابقين أو من جهة أخرى؛ لما رواه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله تعالى عنهم قَالَ (سَبَّقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْخَيْلِ وَأَعْطَى السَّابِقَ) الإمام أحمد رحمه الله تعالى، وقال الإمام سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ رضي الله تعالى عنه (لَيْسَ بِرِهَانِ الْخَيْلِ بَأْسٌ إِذَا دَخَلَ فِيهَا مُحَلِّلٌ فَإِنْ سَبَقَ أَخَذَ السَّبَقَ وَإِنْ سُبِقَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ) الإمام مالك رحمه الله تعالى.

والمعنى أنه إذا اشترك المتسابقون جميعا في قيمة الجائزة فإنه سوف لا يخلو أحدهم مِن غُنم أو غُرم؛ وفي هذا شُبهة القمار؛ ومن هنا أشترط بعض العلماء كما قال الإمام سعيد بن المسيب رضي الله تعالى عنه بوجوب وجود المحلل: وهو أحد المتسابقين الذين لا يشتركون في قيمة الجائزة، فمن سبق فله الجائزة، سواء كان السابق المحلل أو غيره، وهذا هو الأسلم فقد لا يملك بعض المتشاركين سهم المشاركة في الجائزة، ووجوب اشتراك الجميع في ثمن الجائزة يُخرج المسابقة من جانب المتعة والرياضة إلى جانب التنافس الذي يغلب فيه الطابع المادي والحرص على الجائزة بمعزل عن المعاني الأخرى الجميلة التي ترافق مثل هذه المسابقات، وهنا أصبح من المناسب أن أذكر بضرورة استثمار مثل هذه المسابقات والتجمعات على نحو إيجابي ؛ فهي فرصة للتعارف والتقارب بين الناس، ووسيلة طيبة لتذكيرهم بدِّينهم الحنيف الذي يدعو إلى مكارم الأخلاق وفضائل السمات، ومن الطيب مراجعة أجوبة الأسئلة المرقمة (161، 170، 992) في هذا الموقع المبارك.

والله تعالى أعلم.