2014/04/02

السؤال:

السلام عليكم شيخنا عندي سؤال أرجو التفضل بالإجابة عليه جزاكم الله ألف خير إذا واحد تارك شرب الخمر صار له 20 سنة تقريبا وبدأ يصلي بعد عنائي معه لتركه الشرب والآن رجع إليه بحجة أنها إسلامية تكلمت معه ولم يستجب لكلامي ماذا أفعل أتركه وأفوّض أمري إلى الله أم أتعارك معه مع العلم أني ملتزمة دينيا والحمد لله أرشدوني ماذا أفعل؟ وبماذا تنصحوني؟ جزاكم الله عني ألف خير.

 الاسم الكامل: داليا احمد جبار

 

الرد:

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

قال ربّنا سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة : 91].

لم أعلم ولم أطلع على قول لفقيه من فقهائنا الأجلاء رضي الله تعالى عنهم وعنكم أنّ هناك خمرا إسلامية، وربما قصدتِ بهذا القول هو ما يسمّى بشراب الشعير، وللإجابة عن هذا أرجو مراجعة جواب السؤال المرقم (1472) في هذا الموقع المبارك.

أمّا بخصوص نصحكِ له وإرشاده فلكِ في هذا أجرٌ عظيم فالله سبحانه وتعالى يقول {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران عليهم السلام: 104]، إنهم المفلحون والسعداء في الدنيا والآخرة، وسيّدنا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآله وصحبه وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئً،ا وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا) الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

لاسيما إنْ كانت الدعوة من الزوجةِ لزوجها، قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآله وصحبه وَسَلَّمَ (الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِهَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ) الإمام النسائي رحمه الله عزّ وجلّ.

وعليكِ أيضاً أنْ تذكّريهِ بعِظَمِ هذا الذنب ممّا جاءَ ذِكره في أحاديث سيّدِ المرسلينَ وإمامِ المتقينَ وخاتمِ رسلِ ربِ العالمينَ عليه أزكى الصلاة وأتم التسليم وآله وصحبه أجمعين، منها:-

1- (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنَّانٌ، وَلَا عَاقٌّ، وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ) الإمام النَّسَائِي رحمه الله تعالى .

2– (مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ) الإمام مالك رحمه الله تعالى.

3- أَنَّ رَجُلًا قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ، وَجَيْشَانُ مِنْ الْيَمَنِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآله وصحبه وَسَلَّمَ (عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ قَالَ نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ إِنَّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ قَالَ عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ) الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

4– (مَنْ تَرَكَ الْخَمْرَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَأَسْقِيَنَّهُ مِنْهُ مِنْ حَظِيرَةِ الْقُدُسِ، وَمَنْ تَرَكَ الْحَرِيرَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لِأَكْسُوَنَّهُ إِيَّاهُ مِنْ حَظِيرَةِ الْقُدُسِ) الإمام الْبَزَّارُ رحمه الله تعالى.

واستعيني بالتضرّعِ والدعاء له في ظهر الغيب فإنَّ النبيّ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وآله وصحبه وَسَلَّمَ قال (مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، وَلَكَ بِمِثْلٍ) الإمام مسلم رحمه الله تعالى.

قال الإمام النووي رحمه الله عزّ وجلّ (أَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه تعالى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بِظَهْرِ الْغَيْب، فَمَعْنَاهُ: فِي غَيْبَةِ الْمَدْعُوّ لَهُ, وَفِي سِرّه; لِأَنَّهُ أَبْلَغ فِي الْإِخْلَاص).

ولا يجوزُ لكِ تركه والحالة هذه لأنَّ ابتعادكِ عنه ربما يوقعه بما هو أسوء.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران عليهم السلام : 8].

والله جلّ جلاله وعمّ نواله أعلم.