2014/05/04

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كيف حالكم سيّدي حضرة الشيخ نسأل الله تعالى أنْ تكون في تمام الصحة والعافية… سيّدي سؤالي:-

مَنْ لم يجد صحبة صالحة فماذا يفعل؟

 

الاسم: خادم العلماء

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

جزاك الله عزّ وجلّ خيرا على سؤالك عنّي وتمنياتك لي، وأسأله جلّ وعلا أنْ يوفقك لما يحبّ ويرضى إنّه سبحانه سميع مجيب.

قال ربنا جلّ جلاله وعمّ نواله:-

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [سورة الفرقان: 27 – 29].

وقال الصادق المصدوق صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-

(الرَّجُلُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلُ) الإمام الترمذي رحمه الله عزّ شأنه.

لا شكَّ أنَّ للصحبة أثرها سلبا وإيجابا على الإنسان لأنَّ الصاحب يكتسب صفات صاحبه، بالتأثير الروحي والاقتداء العملي، ولهذا تُعرف أخلاق الرجال بمعرفة أصحابهم وجلسائهم، فأثر الصديق في صديقه عميق، ومن ثمّ كان لزاما على المرء أنْ ينتقي إخوانه، فإنْ كانوا مُعينين على أداء الواجب وحراسة وحفظ الحدود والحقوق فهم قرناء الخير الذين يجب أنْ يتمسّك بهم ويحرص على مودتهم، وإلّا فليحذر الّذين يُزيّنون له طرق الفساد والغواية، وليحذر الاسترسال معهم في أسباب اللهو واللغو.

ويقول الشاعر:-

إِذَا كُنْتَ فِي قَوْمٍ فَصَاحِبْ خِيَــارَهُمْ *** وَلَا تَصْحَبِ الأَرْدَى فَتَرْدَى مَعَ الرَّدِي

عَنِ المَرْءِ لَا تَسْأَل وَسَلْ عَنْ قَرِيْنِهِ *** فَكُلُّ قَرِيْـــــنٍ بِالمُقَـــارنِ يَقْـتَـــــــــدِي

ولمّا كان الإنسان محتاجا أشدّ الاحتياج في تحقيق العبودية إلى جملة من الوسائل التي يتوصل بها إلى مقام العابدين الذين كتب الله جلّ وعلا لهم النّجاة يوم الدين، ولفرط احتياجه هذا فإنّه جلّ جلاله وعمّ نواله أمره بابتغاء الوسيلة.

قال عزّ وجلّ:-

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سورة المائدة: 35].

ولعلّ من أهم الوسائل الصحبة الصالحة الصادقة.

قال ذو الجلال والإكرام:-

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [سورة التوبة: 119].

وممّا تقدّم ينبغي عليك أنْ تجتهد في الوصول إلى الصحبة الصالحة فلا يخلو مكان من الخير ولا سيّما المساجد، فإنْ لم تجد فالصحبة الصالحة وسيلة وليست غاية، فالغاية هي تحقيق طاعة الله الكبير المتعال، وهناك وسائل كثيرة تُعين عليها من غير وجود الأصحاب، ومن ذلك:-

دوام المراقبة لله عزّ وجلّ وتعظيم حقه سبحانه بكثرة ذكره.

ثمّ التأكيد على اعتزال وترك أصحاب السوء لأنّهم السبب الدافع للوقوع في المخالفة والمعصية لله عزّ وجلّ، كما في قصّة الرجل الذي قتل مائة نفس فقد نُصح أنْ يترك أرض السوء لِمَا فيها ما يعينه على الوقوع في معصية القتل، كما أخبر سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه في الحديث الشريف:-

(— فَقَالَ إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ فَقَالَ نَعَمْ وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا فَإِنَّ بِهَا أُنَاسًا يَعْبُدُونَ اللَّهَ فَاعْبُدِ اللَّهَ مَعَهُمْ وَلاَ تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ —) الإمام مسلم رحمه المنعم جلّ وعلا.

وأرجو مراجعة جواب السؤال المرقم (131) في هذا الموقع الأغرّ.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وبارك وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.