30/11/2018

نص السؤال:

السلام عليكم شيخنا الفاضل ورحمة الله وبركاته سمعت وقرأت من فتاوى الشيخ عبد الملك السعدي حفظه الله تعالى عن زكاة الأرض السكنية. وقد قال: إنّ مَن اشترى أرضًا سكنية (جنية) أي يشتريها ويبقيها لسنوات حتّى يرتفع سعرها ثمّ يبيعها. فزكاتها تكون أثناء البيع فقط. ما رأيكم سيّدي الشيخ بهذا الخصوص؟

 

الاسم: سائل

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

أشكر لك تواصلك مع هذا الموقع المبارك، وأسأل الله جلّ في علاه أنْ يبارك فيك ويزيدك خيرًا.

الجواب باختصار:-

الأرض المعدّة للتجارة عليها زكاة.

التفصيل:-

لقد تعددت آراء العلماء في الأرض السكنية التي يشتريها صاحبها ويمسكها مدة حتى إذا ارتفع سعرها باعها إلى أقوال:-

قال الجمهور رحمهم الودود الغفور جلّ جلاله:-

يُقيّمها كلّ سنة ويخرج زكاتها، لأنّها من عروض التجارة.

ويرى السادة المالكية رحمهم الله عزّ وجلّ أنّه لا زكاة عليها إلّا عند قبض ثمنها، لأنّهم يقسمون عروض التجارة إلى قسمين، مدير وغير مدير، أي ما كان المال يتداور بين السلع والعروض بيعًا وشراء، أمّا الأموال الجامدة التي لا تتداور فلا زكاة عليها إلّا وقت استلام الثمن عند البيع، قياسًا على الديون.

(قَالَ أَبُوْ مُحَمَّدٍ: وَلَمَّا جَعَلَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى زَكَاةَ الأَمْوَالِ، مِنْهَا لَمْ تَجِبْ فِيْهَا زَكَاةٌ، دَيْن قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ عَرْضٌ قَبْلَ بَيْعِهِ، حَتَّى يَقْبِضَ الدَّيْن أَو ثَمَنَ العَرْضِ، فَيُزَكِّيَهُ لِعَامٍ وَاحِدٍ -وَإنْ خَلَى لَهُ أَعْوَام-؛ لِأَنَّهُ الآنَ وَجَبَتْ زَكَاتُهُ مِنْهُ.

وَقَالَ عَدَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِيْنَ، وَهَذَا فِي غَيْرِ المدِيْرِ.

وَأَمَّا المدِيْرُ فَيَحْمِل عُرُوْضَهُ وَدَيْنَهُ كَعَيْن نَاض كُلّه؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى نُضُوْضِهِ مَرَّة، وَهُوَ يَنِضُّ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَتَرَقَّبَ بِمَا نَضَّ مِنْهُ نُضُوْضَ بَقِيَّتِهِ، وَهَذَا أَكْثَرُ المُقَدَّرِ عَلَيْهِ، وَقَدْ قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَحَمَّاس: قَوِّمْ عُرُوْضَكَ وَزَكِّه) الجامع لمسائل المدونة (4/57).

(وَنُضُوضُ الْمَالِ: أَيْ صَيْرُورَتَهُ نَاضًّا أَيْ نَقْدًا وَذَلِكَ بِبَيْعِ السِّلَعِ الَّتِي اُشْتُرِيَتْ) شرح مختصر خليل للخرشي (6/39).

الذي أرجّحه هو:-

إذا كان المرء لا يملك عقارًا، أو عنده القليل منه، ولم تكن لديه سيولة نقدية، فأفتيه بمذهب السادة المالكية رضي الله تعالى عنهم وعنكم، وهو أنْ لا يؤدي زكاة الأرض إلّا بعد بيعها وقبض ثمنها، ولسنة واحدة.

أمّا إذا كان من الموسرين، ويملك الكثير من العقارات والأموال فالأولى به الأخذ برأي الجمهور، وهو أداء زكاتها كلّ عام، لأنّ ذلك أقرب للتقوى، وأكثر تحقيقا لمقاصد الشرع الشريف، فالله جلّ في علاه لا يرضى أنْ تبقى الأموال محصورة بيد الأغنياء فقال:-

{مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة الحشر: 7].

والله تبارك اسمه أعلم وأحكم.

وصلّى الله تعالى وبارك وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أهل الفضل والمجد.