2014/10/01

السؤال:

بسم الله والصلاة والسلام على حبيبنا محمّد وآله وصحبه ومَنْ والاه، أما بعد:-

أودّ التنوّر من فيض علم حضرتكم عن مدى صحة حديث سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله صحبه وسلم (مَنْ مَاتَ ولم يبايع مات ميتة الجاهلية).

وهل المقصود السلوك والإرشاد والتزكية من ضمن معنى هذا الحديث؟

حفظكم الله.

 

الاسم: سيف الدين

 

الرد:-

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

حفظكم الله جلّ وعلا وبارك فيكم على تواصلكم.

قال سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-

(مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيْتَةَ جَاهِلِيَّة) الإمام مسلم رحمه المنعم جلّ وعلا.

والمعنى العام المقصود من الحديث الشريف هو وجوب أنْ يكون المسلم داخلاً في طاعة وليّ أمر المسلمين ولا يخرج عليه أو يدعو لفتنة ما لم يأمره بمنكر أو يمنعه من أداء الفرائض، ويؤيّد هذا الرأي أحاديث أخرى منها:-

قوله عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ إِمَامٍ مَاتَ مِيْتَةَ جَاهِلِيَّة) الإمام أبو داود رحمه الله الودود سبحانه.

وقوله:-

(عَلَيْكُمْ بِالجَمَاعَةِ وَإِيَّاكُمْ وَالفُرْقَةَ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ مَعَ الوَاحِدِ وَهُوَ مِنَ الِاثْنَيْنِ أَبْعَدُ) الإمام الترمذي رحمه الله عزّ وجلّ.

ويجب أنْ لا يفهم وجوب اتباع النّاس لكلّ مَنْ يدّعي الخلافة أو إمارة المؤمنين، فهؤلاء رؤوس الفتن وقد خبر المسلمون أفعالهم قبل أقوالهم ولا حقّ لأحد بهذه الادعاءات مع وجود وليّ أمر مسلم لا يمنع أحدًا ممّا افترض الله تعالى عليه ولا يجبرهم على معصية، فواجب الرعية النصح والدعاء له بالهداية والصلاح.

 

ولو تحدثنا بهذا قبل سنين فقد نجد الكثير من المنكرين، ولكن بعد أنْ رأى الناس ما يجري على يد مدّعي الإسلام والجهاد من أعمال لا ترضي إلّا الخوارج فلا حجّة لأحد بتفنيد الرأي الذي سقته.

أمّا شمول هذا الحديث الشريف مبايعة المرشد؟

فالجواب:- نعم يمكن فهم عموم المعنى من الحديث الشريف على هذا النحو، فالمرشدون رضي الله تعالى عنهم وعنكم ورثة الأنبياء كما قال سيّد الأنبياء عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الأتقياء:-

(— وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا، وَلَا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ) الإمام أبو داود رحمه الله جلّ ذكره.

فالذي يبايع المرشد يبايعه ويعاهده على طاعة الله جلّ جلاله وعمّ نواله وليس للدنيا والسلطة والجاه حظ في ذلك، فهو يأمره بالابتعاد عن الفتن والحرص على رصّ الصفوف وجمع الكلمة والتأكيد على بيان سبل علاج أدواء الأمّة فيما يرضي الله عزّ وجلّ، ويُدخل الفرحة على قلب سيّدنا رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه، ويشفي صدور قوم مؤمنين، وهو الذي يمدّه بالبركة والتوجّه الروحي ليهيئ قلبه لذكر الله سبحانه والتفكّر في عظمة خلق البارئ تبارك اسمه في ملكوت السماوات والأرض، وتخليص نفسه وقلبه من أدران الحياة الدنيا وفتنها.

وأرجو مراجعة بعض الأسئلة التي تخصّ هذا الموضوع تجدها في باب الذكر والتزكية والسلوك – باب العهد والبيعة، في هذا الموقع الكريم.

والله عزّ شأنه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم على سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.