30/04/2019
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
فضيلة الشيخ المحترم:
ما حكم التعامل مع البورصات العالمية فيما يخص البيع والشراء بالأسهم؟

الاسم: ابو الحسن

الرد:
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
أحمد ربي وأشكره وأصلي وأسلم على سيّد رسله وخلقه سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه.
أود قبل الإجابة أن أشكرك على السؤال أخي الكريم ثم أقول:
من الناحية الشرعية فإنّ تأسيس شركة مساهمة ذات أغراض وأنشطة مباحة أمر مباح، وتداول أسهمها بالأسواق بيعاً وشراءً مباح أيضا.
كما أنّه لا خلاف في حرمة تأسيس شركة غرضها الأساسي محرّم، كإنشاء شركة تتعامل بالربا أو المحرمات وتتاجر بها، أو تقوم ببيع ما لا يحل، أو تعين على الفساد والباطل، وكذلك حرمة بيع وشراء أسهمها المتداولة في البورصات والأسواق.
والمباح كما عرّفه الفقهاء رحمهم الله تعالى ورحمنا جميعا:
ما لا يلحقه مدح ولا ذمّ شرعي بفعله أو تركه.
أمّا الحرام فهو:
ما لحقه الذمّ، ونال فاعله العقاب.
كما أنّ كلّ ما تعلّق بالحرام أو كان سببا للوصول له فهو بحكمه، قال نبيّنا الأكرم صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم:
(مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَنْسَى شَيْئًا، ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}) الإمام البزار رحمه العزيز الغفار.
وقال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:
(إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَنَهَى عَنْ أَشْيَاءَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَغَفَلَ عَنْ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ، فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا) الإمام الطبراني رحمه الله جلّ وعلا.
والأسهم هي عبارة عن شهادات خاصّة تتملكها مجموعة من المُساهمين تمثّل بمجموعها قيمة شركة أو مصنع أو نشاط تجاري، والغاية من إصدارها التوثيق لحقوق وملكية المساهمين في تلك الشركات.
وقيمة الأسهم معرّضة للزيادة أو النقص بحسب قوّة أو ضعف نشاط تلك المؤسسة أو الشركة، أو قوّة وضعف الإقبال على شراء أسهم تلك الشركة.
ولابّد للمسلم أنْ يتوثّق قبل شراء أي سهم من عمل تلك الشركة التي يريد شراء أسهم منها، هل تتعامل بالحلال أم بالحرام؟ وهل العقد الذي يتمّ بموجبه شراء تلك الأسهم هو عقد صحيح أم عقد فاسد؟ وهل تتعامل تلك الشركة مع البنوك الربوية بالفوائد أم لا؟ وغيرها ممّا يستوجب على المسلم العلم به والتثبّت منه، قال سيّدنا رسول الله صلى الله تعالى وسلم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه:
(إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ، صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وصلى الله تعالى وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والله جلّ وعلا أعلم.