2020-04-23

السؤال:

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبيّ الكريم محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.

أمّا بعد: بخصوص وقت الإمساك في رمضان فإنّ بعض الأصدقاء في تركيا سألوا عن بداية وقت الإمساك في البلاد، لأنّه حسب ما أبلغوني أنّ موعد الإمساك عند الساعة الثالثة والنصف، أي قبل صلاة الفجر بساعة تقريبًا هذا والله أعلم.

ومن هذا الكلام هناك أسئلة عدة:-

١- هل هناك إجماع على تحديد وقت الإمساك، أم أنّ كلّ بلد يتبع ما يملي عليه القانون باختلاف البلاد؟

٢- إنْ كان وقت الإمساك في البلد غير صحيح فهل على المقيم اتّباعه أم يتبع الشرع؟ وهل في ذلك مخالفة في أمر من أمور المسلمين؟

٣- هل الإمساك يعتمد على أذان الفجر، فحين ينادى إلى صلاة الفجر هو بدء وقت الإمساك؟

 وجزاكم الله خيرا ووفقكم لما يحب ويرضى

 

الاسم: سائل

 

الرد:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

وجزاك الله جلّ وعلا خيرا على دعواتك المخلصة ولك بمثلها وزيادة كما يحبّه سبحانه لعباده الصالحين إنّه سميع مجيب.

الأصل أنَّ وقت الإمساك مع طلوع الفجر الصادق وتبيُّنه، قال الله جلّ جلاله وعمّ نواله:-

{وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْر} [سورة البقرة 187].

وعَنِ سيّدنا عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، قَالَ:-

(كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ. قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا) الإمام مسلم رحمه المنعم سبحانه.

إذن فليس العبرة بوقت الأذان إنّما بطلوع الفجر الصادق وهو زمان الإمساك، لذا فما تعارف عليه في تركيا تأخير أذان الفجر عن وقته الأصلي لسبب ما لا يلتفت إليه وخاصّة عند الصيام.

وفي بعض البلدان المسلمة يُؤذّن قبل صلاة الفجر بزمن وجيز لأجل إيقاظ المصلين واستعدادهم للصلاة، وفي بعضها يُؤذّن في شهر رمضان المبارك قبل صلاة الفجر بساعة تقريبًا لتنبيه الصائمين للسحور، وكلا الأذانين المذكورين يجوز بعدهما الأكل والشرب لعدم دخول الوقت الصحيح للفجر، ويلاحظ فيهما خلوهما من عبارة:-

(الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ)

التي هي خاصّة بأذان صلاة الفجر.

ولمّا كان الإمساك هو وقت طلوع الفجر الصادق، وهذا يختلف وقته من بلد لآخر، لذا فليس هناك وقت واحد معلوم مجمع عليه عند الفقهاء رضي الله تعالى عنهم وعنكم.

أمّا وقت الإمساك الذي يضعه البعض قبل الأذان بفترة، فهو من باب الاحتياط والتهيئة للصوم، وهو أمر ليس بواجب إنّما متروك للصائم، فإن احتاج الإنسان إلى أنْ يأكل شيئًا أو يشرب ما بين وقت الإمساك والأذان فلا شيء عليه، ولكن الاحتياط أفضل، وهو أنْ يمسك قبيل فترة وجيزة من رفع أذان الفجر ولو بدقيقة، لأنّه كما لا يخفى على حضرتك أنَّ بعض المؤذنين قد يؤخّر دقيقة أو دقيقتين لعدم ضبط توقيت الساعة المعتمد عليها في وقت الأذان،  لكن دون المبالغة في تقديم الإمساك لأنَّ في تقديمه مخالفة لحثّ سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم على تأخير السحور إذ قال:-

(لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْإِفْطَارَ، وَأَخَّرُوا السُّحُورَ) الإمام أحمد رحمه الممجد جلّ وعلا.

ولمعرفة طلوع الفجر طريقتان:-

الأولى: عن طريق المشاهدة، والفجر هو الذي ينتشر ضياؤه في الأفق يمينًا وشمالًا، وهو المقصود بتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

الثانية: اعتماد مؤذّن عَدْلٍ عارف بالأوقات، فقد قال سيّدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(الْمُؤَذِّنُونَ أُمَنَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى فِطْرِهِمْ وَسُحُورِهِمْ) الإمام الطبراني رحمه الباري عزّ وجلّ.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم على خير من صلّى وصام سيّدنا محمد وآله وصحبه الكرام.