2020-08-06
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سيدي حضرة الشيخ أسأل الله تعالى أن يحفظكم ويرعاكم، ويمدّ لنا في عمركم، ويمنّ عليكم بالصحة والعافية، بجاه سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.
سؤالي: خادمكم أحد مصلي جامع الرسول الماحي صلّى الله عليه وسلّم في الحمدانية أبي غريب وأنا أعمل في ورد النصف ساعة وعندي سؤال، عندي ابنة عمّي أحبّها منذ أكثر من خمس سنوات حتى إنّ أهلي وأهلها متفقين على أنّها تكون زوجة لي وأنا موافق والبنت أيضا موافقة، علما أنّها مصابة بمرض السكري وتأخذ الإنسولين، نسأل الله تعالى العافية لكم ولجميع المسلمين، ومن المعلوم أنّ لهذه المرض أعراضًا جانبية على  الحياة الزوجية، ولم أكن أعرف أنّ لهذا المرض تأثيرًا على الحياة الزوجية في المستقبل وبعد أنْ سألت أصحاب الاختصاص فكان جوابهم البعض منهم يقول إنّه إذا التزمت الارشادات الصحية بإذن الله ليس عليها شيء، والبعض الآخر لم تكن إجابتهم واضحة، وفيها نوع من الغموض، ولقد أراد البعض أنْ يتقدّم لها مَنْ يخطبها، ولكن بسبب علمهم أنّي أريدها لم يتقدموا إليها، فكنت سببًا في منع مجيء مَنْ يريد خطبتها.
وقبل عام من الآن تقدّمت إليها رسميًّا وقرأنا سورة الفاتحة فقط ولم يتمّ عقد القِران، وأنا غير راغب بها ولكن من أجل إرضاء والدتي، وأنا الآن في حيرة من أمري، أنا غير راغب فيها، وأهلي راغبين بها بشدة، وعدم رغبتي فيها بسبب مرضها، وإذا تمّ إجباري عليها أخاف أنْ تحصل مشاكل بيني وبينها وربما مع أهلها.
فأرجو من حضرتكم أنْ ترشدونا إلى ما فيه خير لنا في الدنيا والآخرة، أدامكم الله تعالى علينا خيمة في الدنيا والآخرة بجاه سيّدنا محمد صلّى الله عليه وسلّم وجزاكم الله تعالى خيرا.

الاسم: سائل

الرد:-
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
أسأل الله جلّ في علاه أنْ يجزيك كلّ خير، ويصرف عنك كلّ ضَيْر، وأشكرك على تواصلك مع هذا الموقع الميمون، ودعواتك الكريمة.
قبل الإجابة عن سؤالك أبارك لك عملك بالورد (نصف ساعة) وأرجو الله عزّ وجلّ أنْ يوفقك لإتمام ما بدأت به من خلال السلوك على يد أحد السادة المرشدين رضي الله تعالى عنهم أجمعين ليتمّ المطلوب.
قال الحقّ جلّ جلاله وعمّ فضله ونواله:-
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم: 21].
وقال نبيّنا الأكرم صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم:-
(مَنِ اسْتَطَاعَ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ) الإمام البخاري رحمه الباري سبحانه.
لا يحق لك تركها وعدم الارتباط بها للأسباب الآتية:-
1- لأنّها ابنة عمّك وكلّ أقاربك وكثير من النّاس يعرفون صلتك بها، وبالتالي تركك لها يؤدي إلى ضرر كبير، إذ لا يتقدّم أحد لخطبتها، وهذا ما ذكرتَه بنفسك، بالإضافة إلى انتظارها لكّ كلّ هذه الفترة.
2- إنّ تركك لها يسبب قطيعة حرّمها الله جلّ وعلا في الشرع الشريف، قال الحقّ عزّ شأنه:-
{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [سورة سيّدنا محمد صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم: 22 – 23].
وقال صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه:-
(خَلَقَ اللَّهُ الخَلْقَ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهُ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَأَخَذَتْ بِحَقْوِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: مَهْ، قَالَتْ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَذَاكِ. قَالَ سَيِّدُنَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: اقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}) الإمام البخاري رحمه الله الباري سبحانه.
3- إنّ المرض الذي ذكرته لا يعدّ عائقا في الزواج، فالكثير ممّنْ أعرف أصيبوا به ويتناولون الإنسولين، ارتبطوا وأنجبوا، وحتى لو كان مانعًا من الإنجاب كما قلتَ، فيمكنك عندئذ أنْ تتزوّج من امرأة أخرى ولا يلومك أحد، ويفضّل أنْ تبيّن ذلك لها ولأهلها قبل الزواج ليكونوا على بيّنة من أمرهم.
وأذكّر جنابك الكريم بأنّ المؤمن يرضى بما يقدّره الله جلّ وعلا ويقسمه له، قال سيّدنا رسول الله صلّى الله تعالى وسلّم عليه وآله وصحبه ومَنْ والاه:-
(ثَلَاثٌ مِنْ أَصْلِ الْإِيمَانِ: الْكَفُّ عَمَّنْ، قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا نُكَفِّرُهُ بِذَنْبٍ، وَلَا نُخْرِجُهُ مِنَ الْإِسْلَامِ بِعَمَلٍ، وَالْجِهَادُ مَاضٍ مُنْذُ بَعَثَنِي اللَّهُ إِلَى أَنْ يُقَاتِلَ آخِرُ أُمَّتِي الدَّجَّالَ، لَا يُبْطِلُهُ جَوْرُ جَائِرٍ، وَلَا عَدْلُ عَادِلٍ، وَالْإِيمَانُ بِالْأَقْدَارِ) الإمام أبو داود رحمه الغفور الودود جلّ ثناؤه.
وَعَنْ سَيِّدِنَا أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ:
(قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ يَأْخُذُ عَنِّي هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ فَيَعْمَلُ بِهِنَّ أَوْ يُعَلِّمُ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّ خَمْسًا وَقَالَ: اتَّقِ المَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللَّهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا، وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبَ) الإمام الترمذي رحمه الله سبحانه.
والله جلّت قدرته أعلم.
وصلّى الله تعالى وسلّم وبارك على خير الأزواج، صاحب الإسراء والمعراج، سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه ما نهار أضاء أو ليل داج.