21-11-2021

نص السؤال:

السلام عليكم سيّدي وقرّة عيني شيخي ومولاي جعلكم الله تعالى ذخرًا لنا.

أنا مواظبة على صلاة الفجر منذ سنوات عديدة، ولم أتأخّر يومًا، الآن أستيقظ الساعة السابعة للدوام، والأذان الساعة الخامسة تقريبًا في بغداد، هل يجوز أنْ أبقى نائمة وعندما أستيقظ في الساعة السادسة أصلّي الفجر؟

وجزاكم الله تعالى كلّ خير.

 الاسم: أحلام محمود

 

 

الرد مختصرا:-

تأخير صلاة الفجر إلى قبيل طلوع الشمس جائز شرعًا؛ لأنَّ وقتها لم يخرج، لكنّ الصلاة أوّل الوقت أفضل.

 

التفصيل:-

وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.

شكرا جزيلا على تعلّقكِ المبارك بهذا الموقع الطيّب، ودعواتك الكريمة، وأسأله جلّ في علاه أنْ يوفقك لكلّ خَيْر، ويدفع عنك كلّ ضَيْر، إنّه سبحانه قريب مجيب.

قبل الجواب عن سؤالكم الكريم أحبّ أنْ أشكر لكم هذه الخصلة الكريمة وهي محافظتكم على الصلاة في وقتها، وهي لشرفها وعظم منزلتها أشاد الشرع الشريف بمَنْ تحلى بها، فقد جعلها الله جلّ جلاله أحد أهم أسباب فلاح المؤمن فقال سبحانه:-

{قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [سورة المؤمنون: 1 – 9].

فالمحافظة على الصلاة في وقتها من أهمّ خصال المفلحين من المؤمنين جعلني الله عزّ وجلّ وإيّاكم منهم.

والمسارعة لإقامة الصلاة في الوقت ممّا يحثّ عليه الشرع الشريف، لأنّ ذلك من أعظم الخيرات، والله سبحانه يحبّ المسارعة إليها ويُشيدُ بأهلها فقد قال جلّ ذكره:-

{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [سورة المؤمنون: 61].

وقد بيّنَ حضرة النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم وآله وصحبه وشرّف وعظّم، فضل المحافظة على الصلاة وأنّ هذا من أحبّ العمل إلى الله تبارك في علاه فعن سيّدنا عبد الله بن مسعود رضي الله سبحانه عنه قال:-

(سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ العَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللهِ؟ قَالَ: الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا) متفق عليه.

والشيطان حريص كلّ الحرص على أنْ يوقع المؤمن في الغفلة عن ذكر ربّه، وعن الصلاة عمومًا، وعن قيام الليل وصلاة الفجر خصوصًا، قال عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه الكرام:-

(يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ، فَارْقُدْ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ، انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ) متفق عليه.

فلتحرصي كلّ الحرص على ما أنتِ عليه من المسارعة والمداومة على الصلاة في أوّل وقتها، وما ذكرتِ من أنّكِ تأخّرينها ساعة من الأذان أي إلى قُبَيْل طلوع الشمس فهذا ممّا يجوز شرعًا؛ لأنَّ وقت الفجر ما زال قائمًا، وهو الذي يسمّى بالإسفار، وهو الوقت المحبّب عند السادة الحنفية رحمهم الله سبحانه ومَنْ وافقهم لأداء صلاة الفجر لقوله عليه الصلاة والتسليم وآله وصحبه الميامين:-

(أَسْفِرُوا بِالفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلأَجْرِ) الإمام الترمذي رحمه الله جلّ ذكره.

وَلِأَنَّ الْمُكْثَ فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ، قَالَ صَلَوَاتُ ربِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ:-

(لَأَنْ أَجْلِسَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ إِلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ) الإمام البزّار رحمه الغفّار جلّ جلاله.

وَإِذَا أَسْفَرَ بِهَا تَمَكَّنَ مِنْ إحْرَازِ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ وَعِنْدَ التَّغْلِيسِ قَلَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْهَا. المبسوط للإمام السرخسي رحمه الله جلّ وعلا (1/146) بتصّرف.

فالأمر فيه سعة بفضل الله عزّ وجلّ.

والله تبارك اسمه أعلم.

وصلّى الله تعالى وسلّم على سيّدِ الساداتِ، وأعظم المسارعين للخيرات، وأكمل المحافظين على الصلوات، نبيّنا محمّد، وعلى آله وصحبه شموس الوجودات، ومَن اقتفى أثرهم وسلك سبيل النجاة.