14/01/2010
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
هل هناك فريق من العلماء يقولون بعدم وجود النسخ الحكمي في القرآن الكريم، فمثلاً قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى…)) النساء، فهل هناك من يقول بنفاذ حكمها بعد نزول قوله تعالى: (… إنما الخمر…) المائدة، وإن كان الجواب بعدم النفاذ فما هي حكمة إثبات تلاوتها في المصاحف ولم تمح أو تنسى؟
أفيدونا مأجورين.
الاسم: عاشق سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) خير الناس
 

الـرد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في موضوع النسخ الحكمي، فمنهم من نفاه ومنهم من أثبته، وأنا أرى -والله تعالى أعلم- رجوح الإثبات، أما الحكمة من عدم نسخ التلاوة مع الحكم فهي لِحِكَمٍ منها توعية المسلمين بضرورة التدرج في الأحكام مع التدرج في تقبل الناس لها، ومنها أن أحكام الآيات نزلت لظروف معينة أو أحداث تأريخية معينة فارتبطت هذه الآيات بها، ومنها (وهي في المثال الذي ذكرته) يبقى حكمها في جزئيته الأولى مع ما نزل من تحريم مطلق، فمع أن الخمر من المحرمات ولكنها لا تخرج المسلم من دينه، فإذا جاء يصلي فلا يجوز له ذلك مع أثر الخمر في عقله، من هنا فإن الآية الكريمة: ( ..لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى..) من حيث حصر التحريم فقط بالصلاة نُسِخَت بالآية الأخرى (..إنما الخمر..) أي بتبيان حرمة الخمر بشكل مطلق، ولكن بقي حكم منع الصلاة عن السكران لم ينسخ، ولقد أخذ أهل الذوق من الآية الأولى إشارة إلى أن المسلم حين يأتي إلى مصلاه فيجب أن يكون عقله وقلبه بيقظة وحضور كاملين لا يخامرهما شيء من مشاغل الدنيا.
وللتوسع في الاطلاع على موضوع الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم يمكنك مراجعة الكتب المختصة بهذا العلم منها (معرفة الناسخ والمنسوخ) للإمام محمد بن حزم (ليس هو ابن حزم الظاهري المعروف) إنما هو شخص آخر توفي قبله بمائة وست وثلاثين سنة، و(كتاب الناسخ والمنسوخ) للإمام أبي جعفر أحمد بن إسماعيل النحاس المرادي، و(الناسخ والمنسوخ) للإمام هبة الله بن سلامة الضرير المتوفى (410هـ) وغيرها كثير.
والله سبحانه وتعالى أعلم.