2020-12-12
السؤال:
السلام عليكم سيّدي ورحمة الله تعالى وبركاته
الحمد لله عزّ وجلّ إذ رزقني بتوأم قبل أشهر.. وغالبًا ما أكون في مساعدة زوجتي بالاهتمام بهم وترضيعهم. ويأخذ منّا هذا الجهد وقتا طويلا وأخشى أن يفوتنا الورد اليومي أحيانا أو الصلاة في وقتها. فهل يجوز أداء الورد والطفل في أحضاني أو أحضان أمّه؟ وما الحكم إذا كانت حفاظته الداخلية متسخة؟
جزاكم الله تعالى خير الجزاء.

الاسم: حسين علي

الرد:-
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
جزاكم الله عزّ كماله جزاء موفورًا موصلا إلى نعيمه ورضوانه وبحبوحة جنانه.
فالحمد لله سبحانه الذي مَنّ عليكم بنعمة الأولاد، فهي هبة من هبات ربّنا الكريم جلّ اسمه القائل:-
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [سورة الشورى: 49 – 50].
وهذه النعمة تستوجب شكر المنعم تقدّست ذاته، ومن مظاهره الوقوفُ ببابه، واستمطارُ عونه وقوّته ورحمته عزّ وجلّ، وهذا يجسّده الورد اليومي.
وقد أحسنتَ بمعاونة زوجتك في تربية أولادكم، وهي مِنْ هدي نبيّنا المكرّم صلّى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلّم، فقد سُئلت أمّنا الصدّيقة عائشة رضي الله سبحانه عنها وعن أبيها:-
(مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ – تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ – فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ) الإمام البخاري رحمه الله جلّت قدرته.
ولا شكّ أنّكم مطالبون بأداء الورد اليومي؛ إذ هو واجب في حقّ مَنْ سلك هذا المنهج المبارك.
وبالنسبة لأداء الصلاة مع حمل الطفل فإنْ لم تكن ملابسه متسخة، فهذا جائز، فعنْ سيّدنا أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله تعالى عنه:-
(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلأَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا) الإمام البخاري رحمه ربّنا الباري جل ّجلاله.
أمّا إذا كانت ملابسه متسخة فلا يجوز؛ لأنّ من شروط الصلاة طهارة البدن والثياب.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله عزّ وجلّ:-
(لَوْ حَمَلَ قَارُورَةً فِيهَا نَجَاسَةٌ مَسْدُودَةً، لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ؛ لِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَخْرُجُ مِنْهَا، فَهِيَ كَالْحَيَوَانِ. وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ حَامِلٌ لِنَجَاسَةٍ غَيْرِ مَعْفُوٍّ عَنْهَا فِي غَيْرِ مَعْدِنِهَا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ حَمَلَهَا فِي كُمِّه) المغني (2/52).
لكن بطلان الصلاة مقيّد بما إذا حمل المصلي الصبيَّ، وهو يعلم أنّ به نجاسة، أمّا إذا لم يعلم أو كان يعلم أنّ به نجاسة، إلّا أنّه حمله ناسيًا صحّت صلاته عند جمهور الفقهاء رضي الله تعالى عنهم وعنكم. ينظر: المجموع للإمام النووي رحمه ربّنا الغنيّ جلّ شأنه (3/157).
ولذا فإنْ كان بإمكانكم التناوب لأداء الصلاة فيجب عليكم ذلك، فإنْ لم يكن بإمكانكم فعليكم الصلاة حسب الاستطاعة إذا خشيتم خروج الوقت، وهذا للضرورة، والضرورة تُقدَّر بقدرها.
أمّا بخصوص أداء الورد والطفل في أحضانه، فهذا لا بأس به، حتّى وإنْ كان يحمل النجاسة، لكن الأفضل أنْ يكون الإنسان متأدّبًا بآداب الذكر قدر إمكانه في حال الاستطاعة.
ولزيادة الفائدة أرجو مراجعة أجوبة الأسئلة المرقمة (455، 705، 1183، 1371) في هذا الموقع الميمون.
والله تباركت صفاته أعلم.
وصلّى الله تعالى وسلّم على أكرم النّاس خُلُقا وخيرهم معشرًا سيّدنا محمّد، وعلى آله وصحبه ومَنْ على طريقهم سرى.